28.2.08

في الممنوع 11/5/2006

عندما يقول الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في حوار مفتوح.. نشرت «المصري اليوم» ملخصاً له: إنه لا توجد دولة في مصر.. فهو في هذا القول لم يتجاوز الحقيقة

ليست الدولة التي بها مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية.. ثم أضيفت إليها السلطة الرابعة، وهي الصحافة.. إنما الدولة التي يوجد بها كل تلك المؤسسات.. لكنها بلا فاعلية وبلا دور حقيقي.. والذي يتبقي منها هو الهيكل العظمي.. حتي هذا الهيكل يتساقط ويضعف، بحيث أصبحت لا تشعر بوجود لهذه الدولة، إلا في جهازها الأمني فقط.. أما عقلها فقد اختفي في ظروف غامضة أو تحلل من قلة التفكير.

ففي كثير من الأحداث المهمة، التي تتطلب تدخل مؤسسة الرئاسة مثلاً.. نجدها غائبة ولا تتدخل مثل الوضع في أزمة القضاة.. فهي تنظر إليها علي أنها أزمة داخلية بين رجال القضاء والدولة ليست طرفاً فيها.. وهذا غير حقيقي.. لأن الأزمة هي بين الحكومة في جانب وبين القضاة في جانب آخر.. حتي ولو كانت الأزمة بين رجال القضاء وبعضهم أو بين نادي القضاة وبين المجلس الأعلي للقضاء.. فالأمر بعد التداعيات التي حدثت، كانت ولايزال يتطلب تدخلاً سريعاً من جانب الدولة، ومن أعلي قمتها.

ونفس الكلام يمكنك قوله عن المؤسسة التشريعية.. فهي موجودة وغير موجودة.. أو لنقل إن وجودها مثل عدمه.. فهي تتلقي التعليمات الصادرة لها من الحكومة أو من الرئاسة، وأحياناً من جهات لا تعرف بماذا تسميها، وما وضعها القانوني.. وما شرعيتها.. وتحولت المؤسسة التشريعية إلي «مفرخة»، لإصدار التشريعات دون أن تكون لها إرادة فاعلة عليها.

ثم هناك المؤسسة التنفيذية وأجهزتها، وهي غائبة في كثير من الأحيان ولا تكاد تشعر بوجودها إلا فيما ندر.. ولا تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، وتركت الكثير من الملفات لأجهزة الأمن، هي التي تحلها وتتصرف فيها، وأجهزة الأمن لا تحل المشكلات إنما تعقدها، لأنها غير مختصة وغير مؤهلة للقيام بهذه المهمة.

وتبقي مؤسسة الصحافة والإعلام، التي تحولت في أغلب أدواتها، بوقاً يعمل لصالح حكومة خفية لا نعرفها.. وإلي جانبها بعض الصحف المستقلة التي تصرخ طوال الوقت.. وتتعامل معها الدولة علي أنها غير قائمة ولا وجود لها.. فيزداد صراخها.. والنتيجة هي صفر.

ومجمل ما سبق هو ما قاله محمد حسنين هيكل: إن الدولة غير قائمة ولا وجود لها.. وهو وضع خطير.. لأن بديل الدولة والنظام هو الفوضي.. ونحن نقترب بقوة من سيناريو الفوضي.. لأننا لا نعرف أي شيء عن المستقبل.. ولا نملك إجابة واحدة عن أي سؤال.. ولا كيف ستجري انتخابات حرة وتنافسية علي منصب رئيس الجمهورية القادم.

كل شيء مبني لـ«المجهول».. وهذا المجهول الذي هو معلوم للكثيرين.. يريد الانقضاض علي الحكم، بالكذب والخداع والتضليل.. ويتصرف علي أنه صاحب السلطة الحقيقية في البلاد.. في حين أنه لا يملك فيها سوي أقل من أي مصري يعيش فيها.. وليس له أي حق زائد علي حقوق أي مواطن.

الدولة غائبة.. والفوضي هي المرشحة للحكم.. فهل يدرك أهل الحكم هذه الحقيقة، ويعرفون أن للقوة حدوداً لا يمكن تجاوزها؟ بعدها سيبدأ تنفيذ سيناريو الفوضي أو البديل الآخر، وهو المؤسسة العسكرية.. أي العودة إلي نقطة الصفر


0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster