28.2.08

في الممنوع 1/5/2006

أترك المساحة اليوم لطالبة كلية الإعلام ضحي علي الجندي.. وفي رسالتها تعلق كشاهدة عيان علي أحداث نادي القضاة.. والرسالة جديرة بالنشر وتبشر بمولد صحفية واعدة.. لديها موقف وتستطيع التعبير عن نفسها

السيد/......
كنت معهم في ذلك المكان، أتحدث إليهم وأنا لا أعرف عنهم أي شيء، لا اسماً ولا عنواناً، لم يجمعني بهم في تلك اللحظة سوي شعورنا بضرورة مساندة القضاة ومشاركتهم في اعتصامهم حتي ينالوا استقلالهم ـ الذي هو استقلال لمصر ـ وترد كرامتهم، ولا تسألني أي كرامة تلك التي سوف ترد، بعدما ضرب القاضي ـ رمز العدل ـ بالحذاء علي رأسه ـ وبالتحديد علي جبينه ـ الذي لم يحدث له في يوم من الأيام أن ذل أو «طاطي» لأي كائن كان.. ذلك الرأس المرفوع، الذي سيظل مرفوعاً مهما حاول البعض أن يجعلوه خاضعاً ذليلاً.

كنت معهم مساء يوم الخميس ٢٠ من أبريل ٢٠٠٦، قبل سويعات من انقضاض الأمن عليهم، كان عددهم لا يتجاوز العشرين، ولكنني رأيت فيهم وفي شجاعتهم شعب مصر كله، الذي تمنيت وأتمني في كل لحظة أن يفيق من سباته العميق ويقول كلمة حق واحدة لوجه الله... لم يقترفوا جرماً سوي جلوسهم علي الرصيف المقابل لنادي القضاة في عز البرد، ورفعهم علم مصر ـ الذي أصبح عبارة عن قطع صغيرة أشبه بالفتات وأكبر قطعة فيه الآن حوالي ٣٠ سنتيمتراً ـ ولافتات تعبر عن مساندتهم القضاة.. وهنا أسأل نفسي ـ علماً بأنني لست عضوة في أي نشاط سياسي ـ وأسأل كل من تسول له نفسه مجرد التفكير «بفكرة كده ولا كده»: لماذا يضحي أي شخص من هؤلاء بنفسه وينام في العراء؟؟؟ بالتأكيد ليس لأنه ميت في دباديب النوم في الشارع، ولكنه في الحقيقة ـ التي شهدتها عيناي ولمستها نفسي ـ يفعل كل ذلك لأنه يذوب عشقاً، في حد تاني أعظم بكتير، هو بلد اسمه مصر.

وأتساءل أيضاً: ما ذنب العلم؟
إلي أن سمعت خبر الهجوم الوحشي علي النشطاء السياسيين، الذي ينتمي بعضهم للحاجة كفاية، وينتمي بعضهم الآخر لأحزاب سياسية، وينتمون كلهم في النهاية للحاجة الكبيرة مصر.. وقلت لنفسي طيب القاضي واتبهدل البهدلة دي كلها وأروه النجوم في عز الضهر، أمال أولئك الشباب هيحصل فيهم إيه؟!! هنا توقف عقلي عن التفكير، ولم تستطع خلاياه تخيل أي صورة ولو حتي صورة غير واضحة المعالم أو صورة مشوهة لما سيحدث لهم.

وتكرر مشهد سحل المعتصمين والقبض عليهم، دون التفرقة بين شاب أو كهل، ولا أدري لماذا كل ذلك، ولا أدري لماذا يحاصرون نقابة المحامين ونقابة الصحفيين، وتسد جميع الطرق المؤدية إلي نادي القضاة ودار القضاء العالي بجحافل من الأمن في اليوم المحدد فيه مثول المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي أمام مجلس التأديب.

وبالرغم من تخبط أفكاري ودهشتي وحسرة قلبي وأسفي علي ما حدث، فإنني أري أن المعتصمين «المعتقلين حالياً ممن كنت معهم» سبقوني بدرجات كثيرة، فهم الآن في درجات عالية توجوا بتيجان الشرف.
بالأمس كنت معهم، لكن اليوم فرق بيني وبينهم كبير... هم يتجرعون كؤوس العذاب لقولهم كلمة حق، وأنا مازلت محاصرة في قوقعتي الصغيرة، لا أملك إلا قلمي أناصرهم به.

التوقيع: ضحي علي الجندي
طالبة بكلية الإعلام ـ جامعة القاهرة

نحن نكرر معك التساؤل: لماذا تحاصر قوات الأمن نقابة الصحفيين ونقابة المحامين وتسد جميع الطرق المؤدية إلي نادي القضاة ودار القضاء العالي؟
وتصحيحاً لما قلت.. لكن هذا الحصار ليس مفروضاً فقط في اليوم المحدد لمثول المستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي أمام مجلس التأديب، فهذا الحصار لايزال مفروضاً لليوم الثالث عشر علي التوالي.
وبالرغم من ذلك فلايزال البعض يقولون: تعالوا إلي كلمة سواء.. ولماذا لا نعقد مصالحة بين جميع الأطراف؟
هل يمكن أن يجتمع الخير مع الشر.. والعدل مع الظلم.. والطهارة مع الفساد.. والحق مع الباطل؟
المصالحة تعقد عندما يتخلي الحزب الحاكم عن سياساته الفاشلة والمريضة

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster