16.2.08

في الممنوع 2/1/2006

هل كان من الضروري اللجوء إلي أجهزة الأمن في التعامل مع اللاجئين السودانيين المعتصمين في ميدان مصطفي محمود بالمهندسين؟
هناك من سيقول «نعم» بعد مفاوضات أجرتها السلطات المصرية مع المعتصمين ومع مكتب المفوضية للاجئين بالقاهرة.. استمرت ثلاثة شهور

وهناك من سيقول «لا» لم يكن هناك أي مبرر للجوء إلي الأمن، وأن الوسيلة الوحيدة للتعامل مع الموقف هي استمرار التفاوض والطريق الدبلوماسي

وإذا صح افتراض أن اللجوء إلي الأمن هو الخيار الأخير.. فهل كان هناك مبرر لاستخدام جهاز الأمن العنف وارتكاب مجزرة ضد اللاجئين.
لن يختلف أحد في الإجابة عن هذا السؤال.. فقد أخطأت وزارة الداخلية باللجوء إلي العنف.. وبارتكابها هذه المجزرة.. التي تعاملت فيها مع الموقف وكأنها تدير معركة حربية.. نتج عنها قتلي وجرحي بالعشرات.
سؤال ثالث أو رابع.. هل فض الاعتصام وإجبار اللاجئين السودانيين علي نقلهم في أتوبيسات وإيوائهم في معسكرات خارج القاهرة.. وقتل ٢٥ لاجئاً وما يزيد علي ٧٠ مصاباً من قوات الشرطة ومن اللاجئين.. يتناسب مع حجم الفضيحة المدوية التي تتحدث عنها وسائل الإعلام العالمية.. والتي أدانتها الأمم المتحدة علي لسان أمينها العام كوفي أنان.. وأدانتها العديد من سفارات دول العالم

الإجابة هي أن رد فعل الحكومة المصرية ووزارة الداخلية كان أعنف بكثير من حجم المشكلة.. حتي ولو قيل إن بعض اللاجئين مصابون بالإيدز.. وأنهم يمارسون الجنس مع بعضهم في الطريق العام.. فليس هذا مبرراً لدعوة القتل الجماعي التي قامت بها وزارة الداخلية.
ويبقي السؤال.. ما هي دلالات هذا التعامل الأمني الغليظ في حل المشكلة؟

دلالاته أن الدولة تستعيد تدريجياً أسلوبها القديم في التعامل مع المشكلات وحلها.. وهو أن تترك لجهات الأمن حلها.. فإذا تسبب مثلاً حزب الغد ورئيسه أيمن نور في صداع في رأس الحكومة.. فلماذا لا تلفق له قضية توكيلات الحزب المزورة.. والمنوط بعملية التزوير أجهزة وزارة الداخلية! وإذا فكرت أي جماعة أو حركة مثل كفاية أو غيرها في تنظيم اعتصام جماعي ضد بعض السياسات أو استمرت في مطالبتها باستكمال مسيرة الإصلاح السياسي.. فإنها ستلقي نفس مصير هؤلاء السودانيين.. وأن التعامل بقسوة هو الأسلوب الذي ستتبعه أجهزة الأمن في التعامل مع الجميع

والحكومة الآن تختبر ردود فعل الداخل والخارج.. فإذا ما كانت تلك الردود قوية.. فإنها سرعان ما تتراجع عن هذه السياسة.. وإذا ما كانت ضعيفة.. فإنها سوف تزيد من لجوئها إلي العنف

إن هيبة الدولة لا تسقط لأنها عجزت عن فض اعتصام بالطرق الدبلوماسية، حتي ولو استمر ثلاث سنوات وليس ثلاثة شهور.. إنما الذي يسقط هذه الهيبة، هو الإفراط في استخدام القوة علي نحو يؤدي إلي القتل بدون مبرر


0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster