20.2.08

في الممنوع 2/3/2006


في تصريحات نقلتها عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط، قال الرئيس حسني مبارك: «إننا نعمل من أجل المستقبل.. ولا نغير الدستور أو نصدر قوانين جديدة»

لو تأملنا هذه العبارة التي وردت علي لسان الرئيس مبارك لاكتشفنا أن نصفها الأول يتناقض مع نصفها الثاني.. بمعني أن العمل من أجل المستقبل يتطلب تغيير الدستور.. ولا يتطلب عدم تغييره، كما قال الرئيس.

تغيير الدستور الحالي هو الذي يؤدي بنا إلي المستقبل، وهو الذي يخلص نظام الحكم من الشوائب والسلبيات العالقة به.. والذي يوازن بين السلطات، وينقلنا من نظام حكم ديكتاتوري فردي إلي نظام ديمقراطي تعددي.. الحكم فيه للشعب.

إن هذا التصريح الذي ورد علي لسان الرئيس مبارك، أشبه بالتصريح الذي قاله قبيل مبادرته بتعديل المادة ٧٦ من الدستور بشهر واحد.. والذي أعلن فيه أنه لا تفكير مطلقاً لتعديل الدستور.. ثم فاجأ الرئيس مبارك الجميع باقتراحه بتعديل المادة ٧٦، الذي خرج في صورة مبتورة ومشوهة ولم تقد البلاد إلي إصلاح فعلي وحقيقي.

إن العمل من أجل المستقبل يتطلب إجراء إصلاحات دستورية وسياسية حقيقية علي نظام الحكم، تمكن أفراد الشعب من اختيار حاكمه بحرية كاملة، وليس اختيار من يختاره الرئيس مبارك لهم، والمطلوب من الشعب هو التصديق علي هذا الاختيار فقط، بعد أن أغلقت المادة ٧٦، بعد تعديلها، الباب أمام ظهور مرشح منافس لمرشح الحزب الحاكم.
ثم قال الرئيس مبارك في تصريحات أخري لا تقل عن سابقتها غموضاً، قال: إن الحديث عن تعديل الدستور يفتح المجال أمام الشائعات، فهناك من يتحدث عن إلغاء نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب وإلغاء مجانية التعليم.

وليسمح لي الرئيس مبارك أن أسأل سيادته: أين هي مجانية التعليم؟ إن الذين يطالبون بإلغائها يطالبون بذلك علي المواطن القادر، أما غير القادر والمتفوق، فالتعليم مجاني وحق له كالماء والهواء، كما قال طه حسين منذ أكثر من ٥٠ سنة.

نفس الشيء بالنسبة لإلغاء نسبة العمال والفلاحين، فهذه النسبة فعلياً لا قيمة ولا وزن لها، ونظام الحكم يتاجر بها لدغدغة مشاعر العمال والفلاحين، علماً بأن كل القوانين التي صدرت عن مجلس الشعب، وأهدرت فيها حقوق العمال والفلاحين، وافق عليها نواب البرلمان من العمال والفلاحين، فلماذا الإبقاء علي هذه النسبة إذا كان من يمثلون العمال والفلاحين في البرلمان هم الذين باعوهم بأبخس الأثمان؟

ثم من قال إن تعديل الدستور يؤدي إلي ظهور الشائعات.. إن العكس هو الصحيح، فالشائعات تظهر بسبب الغموض الذي يحيط بالكثير من مواد الدستور.. التي لا توضح لنا ما هو شكل نظام الحكم الحالي.. هل هو رئاسي أم برلماني أم ديكتاتوري فردي أم خليط من كل هؤلاء؟

ولا تحدد الطريقة التي يأتي بها الحاكم، ولا تجري في ظلها انتخابات برلمانية ورئاسية حرة وتنافسية.
هل يفاجئنا الرئيس مبارك قريبا بمبادرة جديدة يقوم من خلالها بتغيير الدستور، مثلما فعل مع المادة ٧٦ من الدستور، التي كان يعارض الرئيس تعديلها.. أم أنها غلطة ولن تتكرر؟


0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster