19.2.08

في الممنوع 23/2/2006


في مسرحية «السكرتير الفني» بطولة الفنان فؤاد المهندس والفنانة شويكار.. لاتزال محفورة في الذاكرة عبارة الفنان عادل إمام: «بلد شهادات صحيح».
وبلد الشهادات.. هي التي لم تقدر كفاءة وموهبة وقدرات عادل إمام.. السكرتير «الخصوصي» للفنان فؤاد المهندس في المسرحية.. حيث كان يقابل بعدم التقدير والاحترام الكافيين من زبائن مكتب المحاماة الذي كان يعمل فيه.

ونحن اليوم أصبحنا بلد شهادات.. وبلد شائعات معاً.. أي أن خيبتنا بقت بالويبة.. هكذا يقول المثل. أي بلا حد.. وبلا اتساع.. وهذا الحد وهذا الاتساع يشمل حجم الشائعات التي يعيشها المجتمع المصري هذه الأيام.. بعد ظهور مرض أنفلونزا الطيور.. وبعد العرض القوي الذي تقدمه حكومة الدكتور أحمد نظيف في التعامل معه.. بطولة أمين أباظة وزير الزراعة، وحاتم الجبلي وزير الصحة، وأنس الفقي وزير الإعلام.
والشائعات ليست وليدة اليوم.. إنما هي ظاهرة متكررة في المجتمع المصري، وأصبحت جزءاً من حياته ومن تكوينه ومن شخصيته.. كما أصبحت ملازمة له أينما ذهب.. تلاحقه كظله.. وهي أحد الأمراض الخطيرة المتفشية منذ عقود وقرون طويلة.

ولذلك أسبابه طبعاً، في أي مجتمع تغيب فيه الشفافية.. ولا نعرف فيه معلومة واحدة صادقة.. والحقيقة هي أبعد نقطة عن عقل الرأي العام.
دائماً هناك غياب للحقيقة وتغييب لها.. ودائماً هناك تعامل مع الرأي العام بعدم اكتراث.. بل وباحتقار أحياناً.. والنتيجة هي تفشي الشائعات وظهور أمراض اجتماعية أخري خطيرة.. كالسلبية والنفاق والكذب.

والحكومة تحاول قدر الإمكان معالجة أزمة أنفلونزا الطيور بطريقة مختلفة.. وتحاول أن تقدم ما لديها من معلومات إلي الرأي العام أولاً بأول.. وتحرص علي إظهار الحقائق للناس.. لأنها تدرك خطورة الموقف من الناحية الأمنية.. كما تدرك تداعياته علي نظام الحكم بأكمله، إذا لم تحسن إدارة الأزمة.. وهذا ليس مجرد كلام يقال.. لكنه حقيقة تعرفها الحكومة وجهاز الأمن جيداً.

وثقة الناس فيما يقوله الثلاثي وزراء الصحة والزراعة والإعلام، لا يمكن أن تتحقق بين يوم وليلة أو خلال عدة أيام.. أو شهر.. أو حتي شهور.. فهي تحتاج إلي وقت طويل وإلي صدق مستمر.. وإلي شفافية كاملة وإلي حقائق متصلة.

والشفافية لا يتم التعامل معها في موضوع.. واستبعادها في موضوع آخر.. بمعني حرص الحكومة علي التعامل بشفافية في أنفلونزا الطيور.. لكنها لا تحرص عليها في العمل السياسي، وفي الكشف مثلاً عن اسم «الخليفة» القادم الذي سيحكم مصر.. طالما أن النظام الانتخابي الرئاسي غير واضح وغير محدد المعالم.. ويخفي أكثر مما يظهر.. ففي كثير من الأحيان، خاصة شؤون السياسة والحكم تتعامل الحكومة مع الناس علي أنهم رؤوس أغنام أو فراخ أصابتها أنفلونزا الطيور.. لا قيمة لها ويجب حرقها ودفنها.

الحكومة معذورة الآن.. والناس أيضاً معذورون لأنهم تعودوا علي الكذب وعدم الشفافية وغياب الحقيقة.. ولهذا كثرت الشائعات في مصر


0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster