19.2.08

في الممنوع 26/2/2006


في أثناء أزمة القانون ٩٣ لسنة ١٩٩٥، الذي اشتهر بقانون اغتيال حرية الصحافة.. والذي غلظت العقوبات فيه في قضايا النشر.. إلي الحبس خمسة عشر عاماً أشغالاً شاقة عند نشر خبر صحيح أحياناً.. التقي مجلس نقابة الصحفيين بالرئيس حسني مبارك في قصر العروبة بمصر الجديدة.. بعد أن تأزم الموقف وتعقد.. ولم تسفر جهود الصحفيين في معركتهم لإسقاط القانون المشبوه عن نتائج مرجوة خلال عام كامل.
ودار نقاش طويل بين أعضاء مجلس النقابة وبين الرئيس مبارك.. كان هو الطرف المستمع فيه أغلب الوقت

أذكر أنني قلت للرئيس مبارك في هذا الاجتماع.. بعد أن خاطبته بأنني أتحدث إليه.. حديث الابن إلي الأب: هل من المعقول سيادة الرئيس أن يصدر قانون يعاقبني بالحبس خمسة عشر عاماً عن نشر خبر صحيح.. في حين أنني لو فكرت في ارتكاب جريمة قلب نظام الحكم، فسوف أسجن خمسة عشر عاماً أيضاً؟ هل من المعقول أن تتساوي هذه العقوبة مع تلك؟

ولم يعلق الرئيس مبارك.. ربما أعرب عن بعض الاندهاش.. ثم كان ما كان من إسقاط أغلب مواد القانون ٩٣ لسنة ١٩٩٥، بعد أن أمر الرئيس مبارك بتشكيل لجنة خاصة لوضع قانون جديد للصحافة.. لم نستطع من خلاله إلغاء فكرة الحبس في قضايا النشر.. وإنما استطاعت الجماعة الصحفية أن تعيد الأمر إلي ما كان عليه قبل صدور القانون ٩٣

تذكرت هذا الحوار.. بعد صدور الحكم بحبس الزميل عبدالناصر الزهيري الصحفي بـ«المصري اليوم»، في دعوي رفعها ضده المهندس محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق.. اتهمه فيها بنشر خبر غير صحيح عنه

الخبر يقول: إن بعض الأجهزة الرقابية قامت بتفتيش مكتب الوزير ليلاً.
وفي اليوم التالي صدر بيان عن مجلس الوزراء ينفي الخبر.. وقامت «المصري اليوم» بنشره علي صدر الصفحة الأولي وفي مكان المانشيت

وليس هناك إثبات لحسن النية أكثر من ذلك.. فقد بالغت «المصري اليوم» في نشر بيان مجلس الوزراء.. وكانت ملكية أكثر من الملك في النشر

ومع كل هذا القدر من حسن النية.. لم يغفر لها هذا.. ولا للزميل عبدالناصر الزهيري.. عند نظر القضية أمام المحكمة.. وصدر الحكم بحبسه سنة مع الشغل.. وهي عقوبة شديدة وقاسية ومبالغ فيها ولا تتناسب مع الخطأ الذي وقع.. بافتراض أن هناك خطأ من الأساس.
ومنذ عامين أعلن فجأة الرئيس مبارك عن مبادرته بإلغاء الحبس في قضايا النشر.. وهو المطلب الذي حارب الصحفيون من أجله سنوات طويلة

وهو مبدأ معمول به في كل الدول الديمقراطية.. واستقبلت الجماعة الصحفية مبادرة الرئيس بالترحيب والشكر.. لكنها لم تتحول بالرغم من مرور عامين عليها إلي قانون بعد.. وصدر الحكم بحبس الزميل الزهيري في قضية لا يستحق أن يسجن فيها دقيقة واحدة.
إن الرئيس مبارك هو وحده الذي يتحمل مسؤولية حبس الزميل عبدالناصر الزهيري وتقييد حريته.. لأنه لم يدافع عن مبادرته.. ولم يحولها إلي قانون.. ولأنه سمح وهو رئيس الجمهورية لأعداء حرية الصحافة أن ينتصروا


0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster