18.2.08

في الممنوع 30/1/2006

من الطبيعي بعد حالة الحراك السياسي التي شهدتها البلاد في العام الماضي أن تسفر عن «مخاض» وعن «جنين» يخرج من رحم الحياة السياسية، التي كانت مليئة بالأحداث وبالحركة وبالمتناقضات، وشهدت انتخابات رئاسية وبرلمانية


لكن شيئاً من هذا لم يحدث، فالمخاض لم يظهر، والجنين لم يخرج إلي النور، وحالة من الضياع والتوهان هي التي تسيطر علي الحياة السياسية حالياً.
إنسان مشوه، بلا ملامح.. فعلي مستوي السياسة الخارجية تجد الولايات المتحدة الأمريكية غاضبة علي نظام الحكم في مصر وغير راضية عنه، ومن التفاهة إرجاع ذلك إلي قضية أيمن نور وحزب الغد.
هناك شيء ما يدور في الخفاء ووراء الكواليس، تعلمه الإدارة الأمريكية، ويعلمه الحكم في مصر، ونحن الذين نجهله ولا نعلم شيئاً عنه، وما يتم تصويره لنا من خلاف هو قضية أيمن نور.. فينخدع البعض منا ويصب جام غضبه علي السياسة الأمريكية وعلي تدخل الإدارة الأمريكية في شؤوننا الداخلية، ويعتبر انتقاد السياسة الأمريكية هو قمة الوطنية، بينما هو قمة التفاهة، لأن اللعبة تجري بين واشنطن والقاهرة علي نحو مختلف، وطبقاً لجدول أعمال لا نعلم حقيقته وما هي أولوياته


وفي الشأن الداخلي، الحياة الحزبية تمور وتغلي، فالحزب الحاكم مقبل علي حركة بداخله للتخلص من بعض رموزه القديمة لإفساح الطريق أمام فريق جمال مبارك


وفي حزب الوفد وبتغذية من بعض أجنحة السلطة تتم تزكية الخلافات بين المتصارعين، والمشهد في بقية الأحزاب لا يختلف كثيراً، فهي موجودة وغير موجودة.
ومحاولة تخريب مؤسسة القضاء سارية هي الأخري، وتسير في الطريق المرسوم لها، والدولة في كل ذلك موجودة وغير موجودة.
إن قليلاً من الأنفلونزا يصاب بها رئيس الجمهورية، كافية لانتقال العدوي إلي البورصة والحياة السياسية كلها، فإذا عطس الرئيس، عطست معه الأسهم والسندات، وتنخفض معدلات الأسعار بصورة غير مسبوقة


وحسبما أتصور، فإن مصر حتي نهاية هذا العام مقبلة علي أحداث لا يمكن التنبؤ بها، فالعقل غائب ودفة الحكم يتنازع عليها بعض الغلمان، وكل من تستطيع يده أن تطولها لتسخيرها في الاتجاه الذي يحقق مصالحه وأطماعه الشخصية، يفعل ذلك، والفساد في أجهزة الحكم وفي قمته أكبر من أن يسيطر عليه أحد

وفي ظل هذا المناخ غير المستقر، لا شيء مضموناً، ولا شيء سيبقي علي حاله، وحركة الأمواج القادمة سوف يستحيل السيطرة عليها وعلي اندفاعاتها، وإحساسي يقول ـ وهو عادة لا يخيب ـ إن زلزالاً سياسياً قوياً قادم، وسيكون من آثاره تغيير المشهد السياسي الحالي في العشرين سنة المقبلة علي الأقل. ساعة الحساب ومواجهة الحقيقة يبدو أنها اقتربت، لكن أغلبنا لا يعلمون، والله غالب علي أمره

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster