12.3.08

في الممنوع 11/8/2006


أراحني مدحت بشاي من التعليق علي الحديث الذي أجرته الإعلامية مني الشاذلي مع قداسة البابا شنودة علي قناة «دريم» وأترك لرسالته هذه المهمة.. التي جاءت لتعبر عن الكثير مما أريد قوله

السيد/
لقد انتظر الجميع ظهور البابا في حديث إعلامي مطول بعد فترة ظل الرأي العام مشغولاً، بل ومهموماً بالعديد من القضايا ذات البعد الديني والاجتماعي والسياسي والوطني بشكل عام، وكان يهمنا الاطلاع علي موقف الكنيسة بداية من أحداث إثارة الفتن بين شركاء الوطن والمعالجات السلبية ومحاولات الإطفاء التي تبقي علي جذوة النار مشتعلة.. ثم التحولات التي باتت تشهدها الكنيسة في نظم الرعاية والخدمة والتواصل الإنساني حتي صار هناك اعتماد وقبول لأمور تلهي الناس عن العبادة لينخرطوا في تجارة عبر دكاكين ومنافذ داخل الكنائس لإنتاج المواد الغذائية والأشغال الفنية وحتي إصدار الصحف وإنتاج الأفلام والمسرحيات وجميع الفنون الدرامية، ووصولاً لتداعيات تراجع دور الكنيسة الروحي حتي ظهور نموذج ماكس وغيره

ـ وتعقيباً علي ما جاء علي لسان قداسته: أعلن رفضي ـ كمواطن ـ للأسباب التي أشار إليها والتي يعوِّل عليها في رفض فكرة سعي الأقباط إلي تكوين دولة «رغم عدم وجودها أصلاً» في مساحة ما، علي أرض مصر والتي قال من بينها:
ـ الأقباط لا يتركون آثارهم ومقدساتهم في المناطق الأخري

ـ وقوله ساخراً في أمر لا يستوجب السخرية هل مطلوب أن ندفع جمارك عند التوجه للشمال؟

ـ وقوله «يعني الأساقفة، كل أسقف منهم سيصبح مسؤولاً عن كام حارة بعدما كان مسؤولاً عن محافظة أو اثنتين».
وكان الأولي أن يذكر قداسته سبباً واحداً ووحيداً يمنع أي طائفة من التقوقع في مساحة ما من الوطن لأنهم مصريون ومصر بكاملها هي وطنهم..
لا أقبل حديث رمز ديني كبير عن زعماء بقامة عبدالناصر وبقيمة أنور السادات بمثل ما ذكر قداسته، لأنه في النهاية يمثل ديانة دعوتها الرئيسية السماحة ونبذ الأحقاد من جهة، ومن جانب آخر، أنهم كانوا رؤساء ونحن في كنائسنا برئاسة البابا نصلي في كل قداساتنا للرؤساء ليس فقط لأنهم يهبهم الله التوفيق في إدارة أمور الحكم وإنما لتعميد مبدأ مهم هو احترام الرموز والقيادات في كل موقع

لم أكن أتخيل أن يصف البابا محافظ قنا ساخراً وهو أول محافظ مسيحي بأنه «محافظ علي البعد عنه «أي عن البابا»» وذلك لأنه لم يكن من بين الذين اطمأنوا علي صحة قداسته وما في ذلك من تلميح لتعمد الدولة اختيار قيادات مسيحية لها سمات ما.. إنه حديث يحمل قدراً هائلاً من النرجسية لم نعتدها من رموزنا الدينية التي نتعلم منها التواضع.. كما أنه يحمل قدراً من الاتهام لقيادة سياسية دونما سبب سوي عدم السؤال عن صحة قداسته

لم أجد سبباً واحداً مقنعاً لضحكات وابتسامات قداسته في ظرف تاريخي مأساوي، الذي نري فيه رئيس حكومة دولة عربية عزيزة علينا وهو يبكي لحال وطنه وحال عروبتنا!!
ولا أوافق علي تكرار قول قداسته إن سفر الأقباط إلي القدس يعد تكريساً لتطبيع في العلاقات نرفضه كعرب.. إنني أري وقد يخالفني الكثيرون أن ذلك يعد خلطاً للأوراق، فالذهاب إلي تلك الأماكن المقدسة شأن ديني بعيد كل البعد عن شؤون العلاقات السياسية وإلا لما أوفدت الكنيسة المصرية بقرار من سيادته كهنة في المواقع الأرثوذكسية هناك.. لقد ذكر العديد من الأخوة العرب هناك أنهم يرون في سفر أقباط مصر وممارسة شعائرهم معني يؤكد علي عروبة الأماكن المقدسة حيث إنها يجب أن تكون متاحة في سلام بعيداً عن أي صراعات تاريخية.. كما أن ذهاب الآلاف من الأقباط إلي تلك المواقع المقدسة، يساهم في إنعاش اقتصادي لهم.. إن حرمان أقباط مصر من الشعور بحالة امتلاء روحي لرؤية مواقع يتعايشون مع عناصرها لتكتمل في مخيلتهم ما ذكره لهم أصحاب الأناجيل الأربعة في الكتاب المقدس من أحداث كانوا يودون أن يتلامسوا مع كل آثارها.. إنه أمر محزن تتحمل وزره الكنيسة وراعيها الأكبر

إنني أتمني العودة لتبني الكنيسة خطاب السماحة والتواضع والدعوة والتقدير لدور القيادات وتبني مشاعر الناس الروحية ودعمها دون ادعاء رفع شعارات يلتبس تفسيرها.. وأذكر هنا نموذجاً طيباً لخطاب مسيحي يحمل كل هذه المعاني النبيلة التي يدعونا إليها الكتاب المقدس.. فهل ننسي خطاب البابا كيرلس السادس بمناسبة إرساء حجر الأساس للكاتدرائية، موجهاً حديثه إلي الزعيم جمال عبدالناصر.. «بقدومكم اليوم لإرساء حجر الأساس لبيت من بيوت الرب، إنما تعملون علي بناء الإنسان الصالح، وترسمون للعالم كله صورة واضحة لأهدافكم المتكاملة لتنشئة المواطن عقلاً وروحاً وجسداً ليستطيع تقدير مسؤولياته الإيجابية، ويتعاون مع أخيه المواطن بروح التسامح والتفاني في خدمة الوطن».
التوقيع: مدحت بشاي

لعلي أتفق مع كل ما قاله الكاتب مدحت بشاي في رسالته.. إلا أنني أختلف معه في نقطة واحدة هي سفر الأقباط إلي القدس.. وأتفق فيها مع موقف البابا شنودة والكنيسة المصرية.. مع احترامي وتقديري لرأي مدحت بشاي الذي يعبر فيه عن قطاع من الأقباط في مصر

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster