8.3.08

في الممنوع 14/6/2006


لم أكن أعرف الدكتور أحمد عبدالله ـ رحمه الله ـ فقد دخلت الجامعة وكان هوقد سبقني بالخروج منها بسنوات

لم أعرفه زعيماً سياسياً.. ولم أشاهده خطيباً مفوهاً.. يقود المظاهرات عام ١٩٧٢ ويتفاوض بشجاعة مع السلطة لغسل عار هزيمة يونيو ٦٧.
تعرفت عليه من خلال مقالاته التي كان يكتبها في العديد من الصحف ومن خلال ظهوره علي شاشات بعض الفضائيات

كانت تعجبني آراؤه ومواقفه، التي تتسم بالشجاعة والوضوح والبساطة، كانت مفردات كلماته قوية وحادة، وأفكاره متدفقة، تخرج من فمه كطلقات الرصاص

كان انحيازه للحرية وعشقه لها واضحاً، وكان دفاعه عن مشاكل الشعب وقضاياه، لا لبس فيه ولا غموض

لذلك أحببت أحمد عبدالله أستاذ العلوم السياسية، خريج جامعة كمبريدج، أحببت فيه الإنسان البسيط، المهموم بأحلام البسطاء والفقراء، وأحببت فيه الوضوح والصراحة والشجاعة وفصاحة اللسان، وتدفق الأفكار وقوتها، وربما أحببت فيه أيضا أنه يحمل نفس اسم شقيقي الأكبر

إلي أن التقيته في منزل أحد الأصدقاء، وكان اللقاء الوحيد الذي جمعني به، كان لقائي الأول والأخير معه

كان أحمد عبدالله يعرف أنني سأحضر إلي بيت هذا الصديق، ولم أكن أنا أعرف أنه سيحضر اللقاء

كان هويخطط لكي يستمر اللقاء عدة ساعات، وكنت أنا أخطط لكي يستمر ساعة واحدة، اضطررت بعدها إلي الاعتذار والانصراف، ولوكان هذا الصديق أخبرني بقدوم أحمد عبدالله إلي منزله لكنت قد ألغيت ارتباطاتي الأخري، وكنت قد استمتعت بحرارة اللقاء معه وشبعت منه

وتشعب الحوار علي مدار الساعة، من قضية التوريث إلي مستقبل العمل السياسي في مصر، إلي رؤيته الخاصة عن هذا المستقبل، وتطرق الحوار إلي «حلة المحشي» التي تعدها السيدة والدته.
كان متدفقا كالعادة دائما، وكانت أفكاره مرتبة ومركزة وقوية، كان يري استحالة التوريث في مصر، وكان يري أن استمرار الأوضاع السياسية سوف يؤدي إلي وصول تيار الإسلام السياسي «الإخوان المسلمين» إلي الحكم بعد عشر سنوات من الآن.
وبنفس البساطة والحرارة والقوة التي كان يتحدث بها في أمور السياسة، تحدث عن «حلة المحشي» التي تعدها والدته التي تملك وحدها دون سائر نساء العالم «سر الصنعة».
وافترقنا علي وعد بلقاء آخر يجمعنا، كنت أتلهف عليه، وكنت أرغب في الاقتراب من أحمد عبدالله الإنسان، لأنه نموذج من البشر لم أعرفه ولم أقابله من قبل، لكن القدر حرمني من هذه الفرصة وحرمني من متعة اللقاء معه ثانية

كان أحمد عبدالله إنساناً بسيطاً، مخلصاً لقضايا وطنه، وأعطي دون أن يأخذ شيئا

هل صادفكم أحد يعطي ويجد في العطاء متعة؟

نعم ... أمي وأختي ... الله يرحمهما ... ويرحم أحمد عبدالله معهما

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster