13.3.08

في الممنوع 19/8/2006


تعليقاً علي ما نشر حول إقرارات الذمة المالية للوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.. وصلتني هذه الرسالة المهمة من المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض

السيد/......
قرأت «في الممنوع» حديثاً حول قانون الكسب غير المشروع وعدم فاعليته في كشف المنحرفين وثرواتهم، وفهمت من حديثك أنك تعتب علي الأجهزة القضائية التي تقوم بفحص إقرارات الذمة المالية التي يتقدم بها المسؤولون عند بداية عملهم ونهايته وتعتب عليها عدم القيام بواجبها بدقة في هذا الشأن، وإلا فلماذا لم تكتشف حالات الانحرافات التي تحدث والتي أصبح بعضها معروفاً للجميع، وأنا أقول لك من واقع خبرتي في العمل في هذه اللجان، أن ٩٨% تقريباً من هذه الإقرارات لا يكتب فيها صاحب الشأن شيئاً وتأتي فارغة من أي ثروات سوي الجزء البسيط الذي لا يمكن أن يشكك في ذمة محرر الإقرار، وطبعاً اللجان إزاء ذلك لا تملك إلا أن تحفظ الملف لعدم وجود شبهة كسب غير مشروع، وإذا قلت إنه يجب أن يكون هناك نظام للتحري عن صدق ما يرد في الإقرار.. أقول لك إن الدولة لا يمكن أن تضع علي كل موظف شرطياً يراقبه ويحصي عليه ثروته، وحتي إذا ما طلبت التحريات عن صدق الإقرار عند الشك فإن التحريات تأتي غالباً مؤيدة لما ورد فيه، خاصة إذا كان المسؤول الذي تتحري عن ثروته في الخدمة يشغل منصباً كبيراً أو بيده سلطة ولا يتم كشف حالات الكسب غير المشروع عادة إلا إذا كانت هناك شكاوي محددة فيها الثروات، وهكذا تنتهي نسبة كبيرة من هذه الإقرارات إلي الحفظ، وأنا أذكر أنني أثناء عملي في إحدي هذه اللجان بمحكمة النقض وهي تختص بنظر إقرارات الكسب غير المشروع لكبار المسؤولين في الدولة، بدءاً من رئيس الجمهورية وانتهاء بالوزراء، وأثناء فحص إقرار أحد كبار المسؤولين الذين ظلوا في السلطة مدة طويلة وتناولتهم الألسنة والصحف باتهامات الكسب غير المشروع، وجدت الإقرار الأخير والإقرارات السابقة جميعاً تخلو من أي عقارات أو ثروات ذات قيمة، وعجبت لذلك كثيراً وحاولت عن طريق الفحص والتدقيق والتحري معرفة حقيقة ثروته فلم أتمكن من ذلك وانتهي الأمر إلي حفظ الملف لأن الإدانة لا يمكن أن تقوم علي شائعات يتداولها الناس أو أقوال صحف ومجلات لا تقدم حقائق ثابتة يقوم عليها حكم قضائي بالإدانة، والحقيقة يا أخي أنه لا فائدة من محاولة تعقب المسؤولين لكي نكشف أخطاءهم، لا أقول إنه يجب الإقلاع عن ذلك لأن الرقابة شيء مهم، ولكن ما هو أولي من الرقابة وأجدر هو حسن الاختيار، فلو أننا أحسنا اختيار المسؤولين في الدولة لوفر لنا كثيراً من الجهد في تعقبهم وإنني أعجب ممن يصف هذا العهد بالنقاء والشفافية لأنه لا يتستر علي مسؤول ثبتت إدانته لأن الأهم من ذلك هو حسن اختياره، وتنقية القوانين مما يعطي المسؤول فرصة للتحكم في الناس ومساومتهم من أجل قضاء مصالحهم وإعطاء المسؤولين ما يكفيهم بالحلال، وقبل كل ذلك تقديم القدوة الصالحة، وهنا يرد علي ذاكرتي قصة في الأمانة والزهد في الحرام أسوقها من باب العظة والعبرة لكبار المسؤولين، أثناء الفتوحات الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب حضر إلي مجلسه في المدينة وكان يجلس معه فيه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، بعض الجند حاملين سلالاً بها مجوهرات غنمها المسلمون من فتح العراق، فلما نظر إليها أمير المؤمنين عمر ونظر إلي حال الجنود الذين أحضروها قال لعلي بن أبي طالب: والله إن قوماً أدوا هذه الأمانة لأمناء، فرد عليه علي رضي الله عنه قائلاً يا أمير المؤمنين لقد عففت فعفت الرعية ولو رتعت لرتعوا

والسلام علي كل من عفت نفسه عما في أيدي الناس.
التوقيع: المستشار محمود الخضيري

أهمية شهادة المستشار الخضيري في أنها تروي علي لسانه كشاهد عيان ومشارك في عمل اللجان القضائية المختصة بفحص إقرارات الذمة المالية لكبار المسؤولين.
وفي إسرائيل يدور حديث الآن عن استدعاء رئيس الوزراء أولمرت للتحقيق معه واستجوابه لوجود شبهة الاستفادة من شراء شقة فاخرة له في القدس.
بينما وزراؤنا وكبار مسؤولينا يزورون في إقرارات ذمتهم المالية ولا يذكرون فيها حقيقة ثرواتهم.. كما أشارت رسالة المستشار الخضيري، ولا يحاسبهم أو يسائلهم أحد

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster