7.3.08

في الممنوع 22/5/2006

السيد/....
طالعت عمودك الكبير «في الممنوع» العدد «٧٠٢» الثلاثاء ١٦/٥/٢٠٠٦، وبقدر سعادتي بأنك وأخيراً التفت إلي مبادرتي المتواضعة بشأن أزمة القضاة، بقدر ما صدمتني التحليلات والنتائج التي انتهت إليها

لقد وضعت في عمودك كثيراً من الثوابت التي تعتقدها أو تؤيد توصيفها، ولك الحق كل الحق في أن تعتقد ما تشاء، ولكن لا يجوز وبالضرورة أن تفرض هذا القبول علي غيرك من القراء أو المهتمين بالشأن العام مثلي، فاسمح لي أن أبين لك أسباب اختلافي، وأيضاً ما أتفق فيه معك جملة وتفصيلا، وأبدأ بالاتفاق:

١- أنا معك في ضرورة الاستقلال الكامل للقضاء، معك في ذلك ومع قضاة مصر ونادي القضاة في الاستقلال الفني والمالي والإداري، الذي يقتضي حتما استبعاد أي دور للسلطة التنفيذية في أي شأن من شؤون القضاة، وأن يكون تعيينهم وترقيتهم وندبهم وتأديبهم من اختصاص القضاء دون سواه، وكذلك مع استقلالهم الكامل ماليا بموازنة خاصة، تحقق لهم البعد عن أي شبهة تستند علي الترغيب أو الحرمان المالي، وكذلك مع رفض أي مد لسنوات الخدمة.

٢- وأنا معك ومع كل الأمة في أن استقلال القضاء ضرورة وطنية لتأكيد سيادة القانون ودفع الاستبداد، وأيضاً لتأكيد نزاهة الانتخابات، كل الانتخابات، من أي تزوير أو تحريف لإرادة الجماهير.

٣- أنا معك فيما سبق كله، وأزيد عليه بأن المحامين فوق إيمانهم بالضرورة الوطنية لاستقلال القضاء، فإن لهم أيضاً ضرورة مهنية لهذا الاستقلال لأنه لا قيمة ولا أهمية لحق الدفاع إذا كان أمام قاض غير مستقل أو غير عادل، ولا يمكن لمهنة المحاماة أن تزدهر أو يرتفع شأنها إلا في ظل قضاء عادل مستقل.

٤- وأخالفك الرأي فيما ذكرت من أنني أتهم الفضائيات العربية بترويج الأكاذيب بالادعاء بوجود أزمة لاستقلال القضاء، وأن ما يحدث ليس إلا مجرد خلاف في الرأي، ولا يجوز لأحد أن يتدخل فيه، ولا أعرف يا أخي من أي مصدر استقيت هذه العبارات وأدخلتها في هذا السياق الذي إن صح لصحت كل النتائج المترتبة عليه.

باختصار شديد، فإنني لم أقل ذلك مطلقاً ولا بهذا السياق ولا بهذا الترتيب ولا بهذا التركيب، فلا يجوز لأحد أن يدعي أن كل الفضائيات تكذب وتلفق، ولا كل من تداخل بالرأي من أي تيار صادق فيما تداخل فيه، وبالتالي لا يجوز تعميم المصداقية وحسن النوايا، أو تعميم الكذب ولي الحقائق.

٥- كذلك لم يقل أحد ـ وأنا منهم ـ إن قضية استقلال القضاء قضية خلافية بين الأسرة القضائية، بل هي قضية وطنية بدأت منذ زمن وقبل انعقاد مؤتمر العدالة الأولي، وتمسك بها القضاة سواء من خلال ناديهم أو ندواتهم، وأزعم أنني لم أقابل قاضياً لم يكن مع هذا الاستقلال، وبالتالي ليست قضية استقلال القضاء قضية خلافية داخلية، وأن الخلاف الحقيقي مع الحكومة التي تباطأت وتلكأت مع هذه المطالب المشروعة منذ سنوات عديدة وتعاملت مع الموقف مرة بالمناورة، ومرة بالقبول، ومرة بالتجاهل، الأمر الذي فرض القضية علي سطح الأحداث لتصبح أهم المطالب الشعبية.

أما الخلاف بين نادي القضاة وبين مجلس القضاء فهو واقع وحقيقي وصل إلي حد رد رئيس مجلس القضاء وبعض أعضاء المجلس عن نظر الدعوي التأديبية المنظورة وخطابات البعض المنشورة في الصحف أو المذاعة من الفضائيات، تكشف هذه المساحة الشخصية من الخلاف ولكنها ليست كل الخلاف وليست هي أصل القضية، لذلك كانت مبادرتي من أجل فصل الوقائع حتي لا تضيع القضية الأصلية المتمثلة في قانون الاستقلال، فكان طلب التأجيل لدور أكتوبر سوف ينهي تقريباً كل العناصر الشخصية في النزاع دون أن يتنازل أي طرف عن موقفه الموضوعي في القضية، هذا مع استدعاء مشروع التعديل المقدم من النادي ومن وزارة العدل وطرحه سريعاً من خلال لجان استماع بمجلسي الشعب والشوري، حتي يصدر القانون وتنتهي الأزمة بانتصار الشعب والأمة وليس بانتصار قاض علي آخر.
غداً.. ننشر بقية الرسالة، والتعقيب عليها إن شاء الله

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster