8.3.08

في الممنوع 6/6/2006


من المستشار محمود رضا الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض، رئيس نادي القضاة بالإسكندرية.. وصلتني هذه الرسالة التي يعلق فيها علي رسالة المعتقل السياسي التي نشرت يوم ١/٦/٢٠٠٦.
السيد/....

طالعت رسالة الأخ المعتقل، ومهما وصفت لك الحالة التي انتابتني بعد قراءتها، فلن أستطيع أن أعبر عنها، رغم أنها ليست الحالة الأولي التي يصل إلي علمي معلومات عن أوضاع المعتقلين وفيها من الحالات ما قد يزيد في بشاعته عن الحالة المنشورة، لكن يبدو أن تعدد الحالات في وقت واحد، انتابني كما انتاب غيري من المواطنين بنوع من الإحساس بالظلم والقهر في وطن يفعل أبناؤه ببعضهم هذه الأفعال لمجرد أن أحدهم يملك سلطة غاشمة والآخر لا يملك إلا رفع الأكف بالدعاء علي الظالم أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر

ولكن هل يكفي هذا الدعاء في هذا الوقت بالذات لإطفاء نار الغضب والحزن والقهر علي ما يحدث لنا في بلدنا وبين أهلنا الذين لا يحركون ساكناً من أجل الدفاع عنا؟ وهل يا تري يا صديقي قد خلصت ضميرك حقاً بنشر الرسالة، وخلصت أنا ضميري كقارئ بقراءتها ومصمصة شفتي حزناً وألماً لما يحدث؟! كلا يا صديقي.. إن أبناءنا وإخواننا المعتقلين والمسجونين ظلماً لن يكتفوا منا بذلك وهم يطالبوننا بأن يكون لنا دور أكثر إيجابية من ذلك، دور يرفع عنهم الظلم والقهر الذي يقع عليهم منذ سنوات قد تصل إلي العشرين عاماً «ثلاث عشرة سنة في رسالة المعتقل الذي نشرت رسالته»..
هل يمكن في أي بلد محترم أن يحبس إنسان لمدة ساعة واحدة بدون ذنب، قد يقول قائل: إن هذا يحدث في أمريكا، وأنا أقول إنه إذا حدث في أمريكا فإنه يحدث للغرباء وليس لأبناء الوطن، ولكن عندنا يحدث لأبناء الوطن في وطنهم، بحجة أنهم إرهابيون دون أن يقوم دليل علي ذلك سوي رغبة أجهزة الأمن في حماية نفسها من أشخاص تعتقد أن في وجودهم خارج المعتقلات خطراً يمكن أن يهدد وجودهم في مناصبهم.. هل تعرف يا أخي أن أكثر المعتقلين قد صدرت أحكام بالإفراج عنهم وتمتنع الحكومة عن تنفيذها، رغم أن هذه الأحكام صدرت تنفيذاً لقانون الطوارئ الذي اعتقل هؤلاء الناس إعمالاً لأحكامه؟

أخي.. إن استمرار حالات الاعتقال والتعذيب وهتك الأعراض يعيد لذاكرتنا أيام السجن الحربي وصلاح نصر ومراكز القوي، ويجعل كل مصري شريف يشعر بالحزن والعار وهو يري المعتقلات وقد ضاقت بنزلائها، والأعراض وقد انتهكت علي أيدي الجلادين الجدد، دون أن يحرك لذلك ساكناً بإنزال اللعنات علي مرتكبيها وهم من ماتت ضمائرهم من كثرة ما ارتكبوه من جرائم، غير أنني أحب أن أقول لك يا أخي: إن التعذيب في مصر مثله مثل تزوير الانتخابات، قرار سياسي لا يقوم به فرد الأمن بإرادته الحرة.. حقاً إنه قد يتفنن في ذلك ويأخذ مكافأته علي قدر تفننه وإتقانه، ولكن في النهاية هو قرار القيادة السياسية بتعذيب فئة معينة وعدم تعذيب الأخري.. وهكذا حسب الظروف السياسية السائدة.

أخي بعد هذه المقدمة الطويلة التي أفرغت فيها بعض ما يجيش به صدري من ضيق لما أراه يحدث في بلدي ضد مصلحة هذا البلد أقترح أن تعمل شيئاً يمكن أن يرضي ضمائرنا المتعبة من أجل هؤلاء المساكين، الذين ضن عليهم وطنهم وأخواتهم بالحرية، بحجة حماية الوطن منهم، وحقاً صدق من قال: أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك.. أخي إنني أقترح عليكم تبني حملة قومية للدفاع عن المعتقلين والعمل علي سرعة الإفراج عنهم ومناهضة التعذيب ومحاسبة مرتكبيه، وتكون علي النحو التالي:

أولاً: عمل حصر شامل لجميع المعتقلين علي مختلف أنواعهم وذلك عن طريق نقابة الصحفيين والمحامين بالإعلان عن تقدم من يرغب باسم المعتقل وسبب اعتقاله وعنوانه ومكان اعتقاله.

ثانياً: تكوين لجنة من المحامين لفحص ملفات الاعتقال وعمل تقرير عن حالة كل معتقل وظروف اعتقاله ورأيها في الإفراج عنه أو استمرار اعتقاله إذا رأت لذلك وجهاً.

ثالثاً: البحث عن ظروف الاعتقال ومدي مناسبتها للقواعد المتعارف عليها دولياً في هذا الشأن.

رابعاً: التحقيق مع كل من يثبت أنه رفض تنفيذ حكم إفراج عن معتقل أو أفرج عنه علي الورق ثم إصدار أو استصدار أمر آخر باعتقاله تحايلاً علي القانون.

خامساً: التوصية بإحالة كل مرتكب جريمة اعتقال بدون وجه حق أو تعذيب، إلي المحاكمة الجنائية، وفي حالة عدم تنفيذ ذلك إحالته إلي المحاكمة الشعبية التي سنعمل ـ إن شاء الله قريباً ـ علي إظهارها إلي الوجود، تغلبا علي حماية الحكومة لأعوانها من العقاب، وحتي ينزل بهم الشعب عقابه الذي سيكون ـ إن شاء الله ـ أشد من عقاب القانون الذي ترفض الحكومة إعماله.

بهذا يا صديقي نكون قد فعلنا شيئاً لإخواننا المظلومين ممن تعج بهم السجون والمعتقلات، والله ولي التوفيق لعله يغفر لنا بعض تقصيرنا في الماضي في هذا الشأن.

التوقيع: المستشار محمود رضا الخضيري نائب رئيس محكمة النقض، رئيس نادي القضاة بالإسكندرية.

أي إصلاح لا يبدأ من احترام كرامة المواطن المصري وعدم إهدار آدميته، هو إصلاح مشكوك فيه.. وبلا فائدة ولن يكتب له النجاح.. والاقتراح الذي يعرضه المستشار الخضيري جدير بالدراسة وبالتنفيذ، حتي نُوقف جريمة التعذيب الذي جرمها الدستور ولم يسقط العقوبة عنها بالتقادم


0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster