8.3.08

في الممنوع 7/6/2006

العلاقات المصرية الأمريكية، بالرغم من أن الخطاب السياسي والدبلوماسي في كلا البلدين يشير إلي أنها استراتيجية، ولا غني عنها بالنسبة لكليهما، وتكاد تسمع خطابًا واحدًا وإجابات متشابهة ومتقاربة عن التساؤلات التي طرحت في كل من القاهرة وواشنطن.

إلا أن ما يجري تحت السطح شيء آخر تماما، وما تحت السطح لا تعكسه القنوات السياسية والدبلوماسية، إنما تجده في الخطاب الإعلامي، ويظهر هذا بوضوح في صورة حملات متبادلة بين وسائل الإعلام الأمريكية، من ناحية، وما يظهر في بعض الصحف القومية المصرية من حملات مضادة، من ناحية أخري.

ومنذ فترة، يتعرض نظام الحكم في مصر لحملة عنيفة وغير مسبوقة من الانتقادات في الصحافة الأمريكية، وفي مختلف وسائل الإعلام الأخري، وهذا لا يعكس حرية الإعلام الأمريكي، بقدر ما يعكس نقل وجهات نظر الإدارة الأمريكية نفسها، سواء داخل البيت الأبيض أوفي دوائر الكونجرس والخارجية والبنتاجون.

ونحن كمصريين من حقنا أن نسأل ونتساءل: ما دخل الإدارة الأمريكية بما يجري في الشأن الداخلي المصري؟ وما علاقة الانتقادات التي توجهها وسائل الإعلام الأمريكية، مما يجري من أحداث وتطورات وترتيب أوضاع في مصر؟
نعم من حقنا أن نعترض علي هذا التدخل وأن نرفضه، لكن ولنكن صرحاء مع أنفسنا، فالذي نراه نحن قد لا تراه الإدارة الأمريكية ويظهر بصورة أوبأخري في وسائل الإعلام الأمريكية.

وسواء رفضنا أوقبلنا التدخل الأمريكي في شؤوننا الداخلية، فالذي يجري علي أرض الواقع وفي الكواليس، هو أن هذا التدخل حادث بالفعل، وأن رسم مستقبل مصر السياسي في العامين المقبلين تحدده عوامل كثيرة، من بينها، بل لعل في مقدمتها موقف الإدارة الأمريكية من ملف ما يسمي بالتوريث، ومن تصاعد ونموتيار الإسلام السياسي.

فما نعتبره نحن شأنا داخليا، لا تعتبره الإدارة الأمريكية كذلك.
هذه حقيقة يعرفها كل من لديه الحد الأدني من الإدراك السياسي، حتي لو رفضنا قبول هذه الحقيقة والاعتراف بها.

إن الكثيرين يفسرون الحملة الإعلامية الأمريكية العنيفة وغير المسبوقة علي نظام الحكم في مصر، بأنها ترجع إلي رفض التوريث، حتي ولوكانت لدي واشنطن مخاوف حقيقية من وصول تيار الإسلام السياسي «الإخوان المسلمين» إلي الحكم، كبديل عن الحزب الوطني وعن التوريث.

ولوسأل أحد السفير الأمريكي بالقاهرة أوحتي الرئيس بوش نفسه، عن موقف الإدارة الأمريكية من قضية التوريث في مصر، علي ضوء النفي الرسمي المصري لها، لكانت إجابة أي مسؤول أمريكي واحدة، وهي أننا ليس لدينا موقف محدد.. نحن لا نقبل ولا نرفض، نحن فقط نقبل بما يقبل به الشعب المصري، بشرط أن يجري ذلك في مناخ وبآليات ديمقراطية، بالمقاييس الأمريكية طبعا غير المعروفة، والتي تتغير من وقت إلي آخر.. ومن بلد إلي آخر.

أي أن هناك حالة «سيولة» في الموقف الأمريكي، فلا تكاد تعرف هل هومع التوريث أم ضده؟ وأعتقد أن هذه الإجابة مقصودة في حد ذاتها، وإن كانت وسائل الإعلام الأمريكية قد حسمت الموقف وهو رفض التوريث.

هذا التناقض بين الموقف الرسمي الأمريكي وبين ما تبثه وسائل الإعلام الأمريكية من رسائل، أو ما يبدو علي السطح تناقضا وقد يكون في حقيقة الأمر بخلاف ذلك، هو الذي خلق حالة الفوضي والارتباك الحالية، فما يقال في الخطاب السياسي والدبلوماسي في كلا البلدين، بخلاف ما يعكسه الإعلام في كلا البلدين أيضا.

وتقديري أن هذه الفوضي سوف تستمر لبعض الوقت حتي ولوخرجت التصريحات الرسمية في كلا البلدين تقول إن العلاقات بينهما استراتيجية ومتينة

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster