3.4.08

في الممنوع 20/12/2006


ليس من مصلحة جماعة الإخوان المسلمين، الدخول في مواجهة وصدام مع الدولة، ومع قوي المجتمع المدني، التي انزعجت من العرض القتالي، الذي قدمه شباب الإخوان في جامعة الأزهر.. وليس من مصلحة الدولة، والمجتمع التحريضي الجاري حالياً ضد الإخوان المسلمين.. توجيه ضربة شديدة إليهم.. وعدم الاكتفاء بما جري من اعتقالات شملت ١٨٠ إخوانياً، من بينهم النائب الثاني لمرشد الإخوان محمد خيرت الشاطر

ليس من مصلحة أحد الدخول في مثل هذه المواجهة.. مع تمسكي بعدم سلامة موقف شباب الإخوان.. وإدانتي لما حدث.. بل وانزعاجي الشديد له، وهذا ليس محاولة مني لإمساك العصا من المنتصف، لكنه إدراك مني بأنه «لا غالب ولا مغلوب» في هذا الصدام، فالجماعة التي يسمونها بالمحظورة ليست تنظيماً يمكن استئصاله بقرار أمني، أو بإلقاء القبض علي عناصره، والزج بهم في السجون، وإنما هي جماعة لها وجود شعبي كبير، ومتغلغلة داخل نسيج المجتمع المصري، منذ ما يقرب من ٧٠ عاماً، وتشكل قوة اجتماعية واقتصادية وسياسية حقيقية، لا يمكن إنكارها، بل هي أكبر قوة سياسية لها نفوذ في الشارع المصري

صحيح أن لها أخطاء قاتلة، وصحيح أن خطابها الإعلامي والدعائي غامض وملتبس، وصحيح أنها تخلط بين الدين والسياسة، وهذه مشكلة كبيرة، لكنها لا تعالج بالأمن، إنما تعالج بالسياسة وبالحوار

ومن حيث ترتيب الأولويات.. أعتقد أن الحديث عن الإصلاح الدستوري الجاري حالياً، لم تعد له أهمية إلي جانب التصدي لهذه القضية العاجلة ومعالجتها بطريقة صحيحة ونهائية

والتصدي لها لا يكون عن طريق تشكيل لجنة مشتركة في مجلس الشعب.. لإعداد تقرير بما حدث، لعرضه علي البرلمان، لإصدار توصيات في النهاية، لن تكون لها قيمة عملية، إذا لم تناقش علي نطاق واسع.. ويحدث توافق حولها

الأولوية الآن لفتح حوار وطني بين جميع القوي والتيارات السياسية والحزبية، وبمشاركة مجتمعية واسعة.. حول ظاهرة العنف الدائر في المجتمع حالياً.. سواء عنف السلطة وأجهزتها الأمنية.. أو عنف المجتمع وبعض قواه السياسية المحظورة وغير المحظورة.. فلا فرق بينهما.. فالمحظورة لها شرعية فعلية في الشارع وفي المجتمع.. أكبر من الأحزاب والقوي السياسية التي يقال إنها شرعية

ليست هذه هي النقطة التي يجب الوقوف أمامها.. ولا إضاعة الوقت حولها.. ومن المفيد والمجدي الدخول مباشرة في جوهر المشكلة.. التي هي ظاهرة العنف الذي تشهده مصر حالياً.. وانسداد قنوات الحوار.. بالرغم من الحديث المتكرر عن الإصلاح

الحوار الوطني الموسع هو المخرج.. وجدول الأعمال هو: ماذا يطلب كل فصيل سياسي من الآخر.. الذي يجب أن يستمر.. وألا ينتهي قبل التوصل إلي توافق عام وإلي نتائج محددة ملزمة للجميع

نتائج.. تمنع عنف السلطة وتوقف الاعتقالات والعمل بقانون الطوارئ.. وترسم لجماعة الإخوان المسلمين الحدود ما بين المسموح وغير المسموح في العمل السياسي والديمقراطي، وتمنع تحويلها إلي ديناصور مرعب.. يهدد مستقبل الديمقراطية، وكذلك التوصل إلي نتائج من وراء هذا الحوار تصلح من أحوال «خيال المآتة»، الذي يطلق عليه تجاوزاً اسم الأحزاب السياسية.. لكي تملأ الفراغ السياسي الحالي

ما تحتاجه مصر حالياً وبسرعة.. هو الاتفاق علي قواعد وآليات للعملية الديمقراطية.. لكي تطبق علي الجميع.. وهنا سيكون مطلوباً من الحزب الحاكم التخلي عن ديكتاتوريته، ورغبته في السيطرة، والاستمرار في حكم البلاد بالإرهاب وبالعنف وبالبلطجة.. كما سيكون علي الجماعة التي يقال عنها «المحظورة»، أن تتخلي عن أساليبها غير الديمقراطية.. التي جعلت أشد المدافعين عنها يشكون في مصداقيتها ويتخوفون من ممارستها.
الحوار الوطني هو الحل.. وأي كلام آخر يدفع بالبلاد إلي مزيد من الديكتاتورية والفساد والعنف.. ومن هذا الحوار نرسم روشتة إصلاح إلي المستقبل.. هي التي تحدد حجم وطبيعة الإصلاح الدستوري والسياسي والديمقراطي.. لا أن تفرض هذه الروشتة وهذا الإصلاح من رئيس الحزب الوطني.. ثم نقول له: ولا الضالين.. آمين! هذا إذا أردتم الإصلاح فعلاً.
ب

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster