5.7.08

في الممنوع 29/1/2007

في برنامج «كتب ممنوعة» الذي يقدمه جمال الشاعر علي شاشة قناة «الثقافية».. دارت مناظرة بين الدكتور محمد السيد والدكتور كمال مغيث حول فكر كل من الإمامين أبوحامد الغزالي وابن رشد، من خلال كتاب «تهافت الفلاسفة» للغزالي، والذي رد عليه ابن رشد بكتاب «تهافت التهافت».
وطوال الحلقة حاول الدكتور محمد السيد، أن يقرب ما بين فكر الإمامين، وأن يبعد عن الغزالي فكرة اتهامه بالتطرف، وانحيازه للروحانيات والنص الديني علي حساب العقل، وقال إن ما يجمع بين الغزالي وابن رشد هو الكثير، والخلاف بينهما محدود، والعقل وتقدير كل منهما له ليس من الأشياء التي اختلفا عليها.
كما حاول الدكتور السيد أن ينفي عن الإمام الغزالي الفهم الخاطئ لفلاسفة أوروبا، من أن الغزالي هو أصل الفكر المتطرف والدعوة إلي غياب العقل، الذي تفرع عنه فكر «ابن تيمية» الذي تستند كل الدراسات الفكرية الحديثة من أن الجماعات الإسلامية المتطرفة اعتمدت في فكرها علي أفكار وكتب وأقوال ابن تيمية، ومن قبله الغزالي، وقال الدكتور السيد، علي عكس كل المشاع، من أن الفهم الخاطئ لفكر كل من الغزالي وابن تيمية راجع إلي القراءة غير الصحيحة وغير المتعمقة لهما، وأننا نقلنا هذا الفهم الخاطئ عن فلاسفة الغرب.
وقد اختلف الدكتور كمال مغيث مع وجهة نظر الدكتور محمد السيد، وحاول أن يبين أن ابن رشد هو الذي انتصر للعقل، وجعله فوق النص الديني، فإذا ما حدث صدام أو خلاف بينهما، كانت الغلبة للعقل، وجاءت أوروبا لتنقل عن ابن رشد هذه الأفكار التي كانت الأساس في نهضتها العلمية والفكرية، بعد غياب كامل للعقل وسيطرة الكنيسة علي الدولة والمجتمع، في حين انتصرنا نحن في الشرق للنص الديني ولأفكار الغزالي وابن تيمية علي حساب العقل والفلسفة والعلم والتقدم، فكان هذا هو السبب المباشر في تخلفنا وتأخرنا.
وقد انتصر لرأي الدكتور كمال مغيث مداخلات الدكاترة: مراد وهبة وآمنة نصير وزينب الخضيري أساتذة الفلسفة، وذهب مراد وهبة إلي أن الإمام الغزالي في كتابه «تهافت الفلاسفة» قام في بداية الكتاب وفي نهايته بتكفير الفلاسفة، سواء اليونانيين مثل أرسطو وسقراط وأفلاطون، أو الفلاسفة المسلمين مثل ابن سينا والفارابي، علي أساس أنهم اتفقوا فيما يخص علوم الطبيعة، لكنهم اختلفوا في الروحانيات وحول الدين.
ودارت مناظرة فكرية أخري بين الدكتور مراد وهبة والدكتور محمد السيد، لكنها جاءت سريعة وغير مكتملة، وتحتاج إلي حلقة خاصة، كما قال جمال الشاعر.
متعة فكرية علي مدي ٦٠ دقيقة تقريبا، تم خلالها تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حول أفكار الغزالي وابن تيمية، لكنها تحتاج إلي حلقات أخري قادمة، وأهمية هذه المناظرة في أنها لا تنبش في أفكار الماضي فقط، بل هي تصحح تلك المفاهيم التي لاتزال تعيش بيننا حتي اليوم، فمنذ أفكار الغزالي وابن تيمية وابن رشد، لم يقدم الفكر الإسلامي والعربي أي أفكار جديدة، تعلي من قيمة العقل والعلم والمعرفة، وغرقنا في ظلام الجهل والتطرف والتكفير، بينما تقدمت أوروبا علي أساس قبولها أو رفضها تلك الأفكار،
فقد جعلت أوروبا من ابن رشد الشعلة التي أنارت لها طريق «الإلحاد والتنوير» كما قال الدكتور محمد السيد، بمعني فصل الدين عن الدولة، ولم يكن ابن رشد ملحدا، لكن هكذا فهمه فلاسفة أوروبا، فالتنوير هو مرادف الإلحاد بالنسبة لهم، والمهم أنهم تقدموا وتأخرنا نحن، ولانزال علي تأخرنا حتي اليوم.

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster