31.3.08

في الممنوع 19/12/2006


في الحوار الذي أجرته الزميلة رانيا بدوي بـ«المصري اليوم» مع الدكتور عبدالرحمن الزيادي أستاذ الجهاز الهضمي والكبد، استوقفتها للحظات ـ كما تقول ـ لوحة في مكتبه ظهر فيها حماران مربوطان ببعضهما

ووضع علي يمينهما ويسارهما بمسافة كومتان من البرسيم..
وتظهر اللوحة كيف أن محاولات كل حمار باءت بالفشل عندما حاول الوصول إلي كومة البرسيم القريبة منه.. لأن الآخر كان يشد في الاتجاه العكسي ليحصل هو الآخر علي الكومة القريبة منه.. وهنا توقف الحماران وقررا أن يعملا سوياً.. فذهب الاثنان يميناً والتهما الكومة الموجودة علي اليمين، ثم اتجها يساراً لالتهام الأخري.

وتقول رانيا بدوي: بالرغم من انبهاري بالفكرة ووقوفي صامتة للحظات أمامها.. فإن الدكتور الزيادي قطع صمتي بقوله: «إحنا في مصر لم نصل إلي درجة تفكير هذين الحمارين»!!

وكان الدكتور عبدالرحمن الزيادي قد أهديت له هذه اللوحة من أحد المراكز الطبية في فنلندا عام ١٩٧٤.
والدكتور الزيادي يتحدث أو يعلق علي حال مرضي الكبد في مصر.. وربما عن حال الطب في بلادنا بصفة عامة.. لكن ما قاله عن الطب يسري علي كل شيء في مصر.. فنحن لم نصل إلي درجة تفكير الحمارين في كل قضية يمكن أن تخطر علي بالك..
هل نحن وصلنا إلي درجة تفكير الحمارين في التعامل مع ملف تيار الإسلام السياسي ـ الإخوان المسلمين ـ الذي بسببه تتعطل مسيرة الإصلاح السياسي والديمقراطي.. وتستمر حالة الطوارئ وتنتهك الحريات ولا تحترم حقوق الإنسان علي مدي الـ ٢٥ عاماً الماضية.
لو سألنا أي حمار منهما: لماذا يا حمار هذا المشهد المؤسف الذي ظهر به شباب الإخوان المسلمين في جامعة الأزهر.. لكشف لنا عن الأسباب..
وقال لنا إن ما هو قادم أخطر.
وفي ملف الإعلام.. ماذا لو سألنا الحمارين عن الحال البائس للإعلام الرسمي المصري الذي لم يتغير منذ ٤٥ عاماً؟ وماذا عن ملف الأمن الذي تضخم وأصبحت له الكلمة الأولي في كل شيء في حياة المواطن المصري؟ وماذا عن دور مصر الخارجي، ولماذا تهمش وتقلص وضعف في العقدين الأخيرين؟


لو استفدنا من طريقة تفكير هذين الحمارين الفنلنديين، خاصة ونحن علي أبواب إجراء تعديلات دستورية واسعة.. أعتقد أن الإصلاح السياسي سيسير بطريقة أفضل.. ويمكن في خلال عامين من الآن أن نعيش أزهي عصور الديمقراطية فعلاً.
ب

في الممنوع 18/12/2006


قريباً .. هي الجملة الوحيدة المفيدة التي يمكن استخلاصها من تصريحات صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطني،عن مشروعات القوانين التي تتعلق بعملية الإصلاح الدستوري، التي سيتم طرحها علي الأحزاب والرأي العام، وسيتم إقرارها قبل نهاية شهر أبريل المقبل.
قريبا.. متي؟ عندما يقوم الرئيس حسني مبارك بتحويل مشروعات هذه القوانين إلي مجلس الشوري!
متي..؟ علي الأرجح بعد إجازة عيد الأضحي، أي علي بداية الأسبوع الثاني من شهر يناير المقبل، أي بعد حوالي شهر من الآن!
وحتي لو حولها الرئيس مبارك بعد أسبوع أو عشرة أيام من الآن، فهي لن تطرح علي الأحزاب وعلي الرأي العام، ولن يعرف عنها أي شيء، وستظل سرا حربيا، حتي منتصف شهر يناير، وقد تطول المدة إلي بداية فبراير المقبل

هذا هو المقصود بـ«قريبا»، بعدها سينصب الحزب الوطني «الفخ» للأحزاب السياسية، وسيكون أمامها عشرة أيام أو أسبوعان علي الأكثر، للحوار والتباحث، وعقد حلقات المناقشة والذكر حول مشروعات القوانين، بعدها سينقطع الحوار، وستنسحب أحزاب المعارضة منه، وسيدعي الحزب الوطني أن الحوار انتهي وستدعي المعارضة أنه لم يبدأ بعد

وفي أثناء ذلك سيناقش مجلس الشوري مشروعات القوانين، وسينتهي منها بأقصي سرعة، للدفع بها إلي البرلمان، الذي عليه أن يوافق علي تلك المشروعات كما هي، وكما جاءت إليه من الشوري، وكما جاءت إلي الشوري من الحكومة، وكما جاءت إلي الحكومة من أمانة السياسات.. أي كما جاءت من جمال مبارك.. ولن يسمح لنواب الشعب «نواب كده وكده» بإدخال أي تعديلات علي تلك المشروعات، إلا إذا صدرت تعليمات جديدة من أمانة السياسات بالحزب الوطني إلي الحكومة، ومن الحكومة إلي مجلس الشعب

وكل هذا ليس له علاقة بالحوار ولا بحلقات الذكر الدائرة فيه

هذا هو السيناريو المعد سلفا، والفخ المنصوب لأحزاب المعارضة، وللرأي العام، وللهُبل من الكتّاب أمثالي، الذين سينطلقون للتعليق علي تلك الأحداث، وسيكتبون العديد من المقالات، وسيطرحون الأفكار، بينما كل شيء تم إعداده وتجهيزه في مطبخ أمانة السياسات.. وستخرج مشروعات القوانين الجديدة نسخة مكررة من المادة ٧٦ من الدستور، بالطريقة نفسها التي تم تعديلها بها

المزاد سينصب، والجميع سيدخله.. بينما الصفقة تم إبرامها خارج المزاد

يا أخي.. لماذا افتراض سوء النية؟

وهل ترك الحزب الوطني لنا غير سوء النية نتجرعه؟!
وأبشروا.. لقد وعدنا الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون البرلمانية بأن عملية الإصلاح الدستوري سوف تحقق مزيدا من الرقابة البرلمانية علي أعمال الحكومة.. في آخر تصريح له.. مع تصريح «قريبا» الذي بشرنا به أيضا أمين عام الحزب الوطني صفوت الشريف، وكنا نظن أن الدكتور شهاب سافر إلي الأراضي السعودية، للإشراف علي بعثة الحج هذا العام، لكنه يبدو كمن يقدم ساقا ويؤخر أخري، ويريد أن يسافر إلي بيت الله في آخر لحظة، وربما يريد أن يشرف علي بعثة الحج من القاهرة عن طريق الموبايل.
سافر يا دكتور شهاب، وتطهر من «طبخ» عملية الإصلاح، وانس الدنيا وما فيها.. فالله غافر الذنوب جميعا.. وهو التواب الرحيم

ارحمنا.. يا أرحم الراحمين. ب

في الممنوع 17/12/2006


ما حقيقة الموقف المصري الرسمي من أزمة لبنان؟ أو كيف نفهمه؟

١- تؤيد مصر بقاء حكومة فؤاد السنيورة في السلطة.. وتعارض دعوة المعارضة اللبنانية لإسقاطها

٢- مصر محكومة في النهاية، من حيث البعد الدولي للقضية اللبنانية، بعدم مساندة حزب الله (صلب المعارضة اللبنانية).. لأن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبره وتتعامل معه علي أنه منظمة إرهابية.. وحاولت القضاء عليه من خلال الدعم غير المحدود الذي قدمته إلي إسرائيل في عدوانها الأخير علي لبنان.. فالهدف أولاً هو القضاء علي حزب الله.. ومن ثم خضوع لبنان إلي الهيمنة الإسرائيلية، وفصله نهائياً عن المسار السوري في أي تسوية سلمية.. والموقف المصري في ذلك تابع للموقف الأمريكي

٣- تخوف مصر من تقوية نفوذ حزب الله كحزب شيعي.. واعتقادها الخاطئ بأن هذا سيأتي علي حساب السُنة في العالم العربي.. وامتداد تأثير ذلك علي دول الخليج، خاصة السعودية

أكثر من هذا.. فهذا الاعتقاد الخاطئ يصل إلي درجة التعامل مع حزب الله علي أنه ليس لبنانياً.. وأن ولاءه إلي إيران.. فهو يضع مصالح إيران قبل مصالح لبنان

٤- عدم فهم مصر طبيعة نظام الحكم في لبنان، وتركيبته السياسية.. فنحن نريد أن نطبق المعايير والأسس التي يقوم عليها نظام الحكم في مصر.. علي لبنان

بمعني أن الديمقراطية في لبنان - بحكم الدستور - تسمح بنزول القوي السياسية (معارضة أو غيرها) إلي الشارع.. كما تسمح بحق هذه القوي في التظاهر السلمي.. واستخدام التظاهر كوسيلة ديمقراطية في تحقيق أغراض سياسية.. وهذا ما تفعله المعارضة اللبنانية حالياً.. لتحقيق مكاسب سياسية.. والوصول إلي ما يسمي بحكومة الوحدة الوطنية أو الاتحاد الوطني.. برئاسة السنيورة أو غيره

هذا الحق الطبيعي في لبنان - الذي تقبل به كل القوي السياسية (حكومة ومعارضة) ولا يمكن التراجع عنه - من غير المسموح به في مصر.. بل هو خط أحمر.. فأي نزول إلي الشارع سيواجه بالأمن المركزي.. وبقانون الطوارئ.. وبالاعتقال..
وبتوجيه الاتهام بتكدير السلم العام وإثارة البلبلة.. والتحويل إلي محاكمات عسكرية.. وقد يصل الحكم فيها إلي الإعدام.. لماذا؟ لأن مصر الرسمية تدرك أن مظاهرة مليونية في قلب القاهرة قد تنتهي بإسقاط نظام الحكم نفسه.. في مدة ٢٤ ساعة فقط

مصر تريد تطبيق مفهومها الضيق عن الديمقراطية (أو اللا ديمقراطية) علي لبنان.. ولا تريد أن تدرك الفروق الكبيرة بين نظام الحكم في مصر.. والنظام اللبناني الطائفي والمذهبي

٥- وأخيراً.. لا شك أن مصر تخشي علي لبنان من الفتنة ومن الحرب الأهلية.. إذا تطورت الأمور بشكل سلبي.. ومصر لا تريد ذلك بالطبع.. وتريد كل الخير للبنان وشعبه

هذه هي حقيقة الموقف المصري الرسمي من أزمة لبنان.. وهو كما نري.. سمك لبن تمر هندي.. ولله في خلقه - وفي بعض أنظمة الحكم - شؤون! ب

في الممنوع 16/12/2006


بعد عودة الرئيس حسني مبارك من ألمانيا.. ضمن جولة خارجية.. زار فيها عدداً من الدول الأوروبية هي: أيرلندا وفرنسا وأخيراً ألمانيا.. حل الرئيس المجري لاسلو شوليوم ضيفاً علي مصر.. في زيارة استغرقت يومين «الاثنين والثلاثاء الماضيين».
والحقيقة أن الأمور اختلطت أمامي.. فلم أعد أعرف هل هذا شيء إيجابي، ويرفع من شأن مصر ويزيد من وزنها الدولي، أم أنه شيء سلبي! فما كل هذه الزيارات التي يقوم بها الرئيس مبارك إلي الخارج.. وما كل هذه الزيارات التي يقوم بها مسؤولون أجانب إلي مصر، فلا توجد دولة في العالم - ولا يوجد رئيس في العالم غير مصر ورئيس مصر - تشهد مثل هذا العدد الضخم من الزيارات!
هل هذا يضيف إلي رصيد مصر أم أنه إضاعة للوقت وللجهد؟ وإذا كان إضافة إلي هذا الرصيد، فهل لنا أن نسأل ما هو هذا الرصيد؟ إن دور مصر ووزنها وقدرها وحجمها تقلص في العشرين سنة الأخيرة.. وهذه حقيقة غير قابلة للتشكيك فيها، فما الذي استفادته مصر من هذه الزيارات المكوكية.. سواء زيارات الرئيس مبارك إلي الخارج أو زيارات المسؤولين الأجانب إلي مصر؟

هل هذه الزيارات تأتي علي حساب الاهتمام بالداخل.. وعلي حساب تيسير مصالح وحل مشاكل المواطنين؟

إن رئيس الجمهورية - وهو في مصر كل شيء - يعطي ٧٠ أو٨٠% من وقته وجهده لهذه الزيارات.. وللزيارات المضادة، وما يتبقي من وقت وجهد هو لقضايا الداخل

لكن هذا مردود عليه من البعض.. فهذه الزيارات في النهاية تصب في مصلحة المواطن ولخدمة قضاياه.. وهي ليست للفسحة

ويبقي السؤال مطروحاً: حتي ولو كان هذا الرد أو هذا الاستنتاج صحيحاً.. فهل هو يبرر هذا العدد الكبير.. بل الخارق من الزيارات؟ وهو سؤال مهم.. فحسب ما نشرته صحيفة «الدستور» - في عددها قبل الأخير - فإن عدد الزيارات التي قام بها الرئيس مبارك إلي الخارج منذ توليه السلطة عام ١٩٨١ وحتي اليوم، بلغ ٤٥٢ زيارة.. منها ٢٤٣ زيارة للدول العربية و١٤٩ زيارة لدول أوروبية

فرنسا وحدها كان نصيبها ٤٨ زيارة، وألمانيا ٢٥ زيارة، وأمريكا ٢١ زيارة.. وإيطاليا ١٨ زيارة... إلخ.
وهذا عدد كبير جداً من الزيارات ولا مثيل له سوي من رئيس مصر.. وساعات كثيرة أنفقت - ولا أقول بددت - عليها.. فهل تساوي العائد منها؟ أو حتي النصف أو الربع؟

لا أملك إجابة.. والأمر يحتاج إلي دراسة وإلي وقفة.. والمشكلة الحقيقية في أن أحداً من المقربين من الرئيس لا يستطيع أن يصارحه أو يناقشه أو حتي يفاتحه في أمر مثل هذا أو في غيره.. فلا يصل إلي الرئيس سوي ما يريد الرئيس سماعه ويحب أن يسمعه.. وما عدا ذلك فالرئيس يضيق به، وليس لديه خلق أو طاقة علي الاستماع إليه

سفريات وزيارات الرئيس مبارك إلي الخارج.. والتي بلغت ٤٥٢ زيارة حتي الآن.. وأيضاً زيارات الرؤساء الأجانب إلي مصر.. ملف من الأهمية مناقشته وحسمه في دوائر صنع القرار.. قبل أن يفتح ويطرح علي الرأي العام.
ما الإيجابي وما السلبي وما العائد الذي تحقق من زيارات الرئيس مبارك إلي الخارج.. ومن الترحيب بزيارات المسؤولين الأجانب إلي مصر وما أكثرها هي الأخري؟

27.3.08

في الممنوع 15/12/2006


أعترف بأنني وغيري، من الذين يدافعون عن تيار الإسلام السياسي، وعن حق جماعة الإخوان المسلمين في الاعتراف بها وحقها في العمل السياسي - في مأزق كبير وفي موقف بالغ الصعوبة.. بعد المشهد السيئ.. الذي يصل إلي حد الجريمة.. الذي ظهر عليه شباب جماعة الإخوان في جامعة الأزهر.. مرتدين ملابس استشهاديي جماعات «حماس» و«الجهاد» و«فتح».. الذين يقاومون الاحتلال الإسرائيلي..
وكما بدا في الصور التي نشرتها «المصري اليوم» ضمن انفراداتها المتكررة.. قيامهم بممارسة تدريبات شبه عسكرية.. كالكاراتيه والجودو.. وكأن هناك جناحاً عسكرياً من شباب الإخوان داخل الجماعة.. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات.. هل هذا عمل فردي أم أنه عمل منظم، صادر عن قيادة الجماعة؟

من يقوم بتدريب هؤلاء الشباب علي فنون القتال؟

ومن الذي سيقاتلونه؟

إذا كان اليوم جهاز الأمن.. فهل غداً يقومون بمهام أخري.. في مواجهة أعداء آخرين؟ فمن هم هؤلاء الأعداء؟ هل من الممكن أن يكلف هذا الشباب أو هذا التنظيم - لا أعلم - بالنزول إلي الشارع مثلاً في مهام محددة؟ هل في مرحلة أخري يمكن أن يكلفوا باغتيال بعض الشخصيات؟ هل لدي هؤلاء الشباب أسلحة وذخائر.. وليس الأمر متوقفاً علي مجرد عصي وخناجر وسيوف وجنازير؟

خطأ من؟ بل جريمة من هذه التي رأيناها في هذا المشهد؟ ومن المسؤول عنها؟

والأهم بالنسبة لي.. كيف أدافع عن حق جماعة الإخوان في ممارسة العمل السياسي وفي ضرورة الاعتراف بها؟

هل حقاً تريد - الجماعة - الشرعية وتحويلها إلي حزب سياسي أم أنها تستفيد من وجودها الحالي ومن رفض الدولة الاعتراف بها كجماعة شرعية، في تقوية نفوذها في الشارع، مما يكسبها تعاطفاً بين الجماهير؟

إنني حقاً عاجز عن التوصل إلي إجابة عن تلك التساؤلات.. ومصدوم من موقف الجماعة ومن مشهد شباب الإخوان الذين ظهروا به في جامعة الأزهر؟ ولم أرغب في التعليق السريع عليه.. انتظاراً لما سيصدر عن جماعة الإخوان من توضيح موقفها.. في بيان صادر عنها، فما أكثر البيانات التي تصدر عنها.. فكيف الصمت علي قضية خطيرة بهذا الحجم؟

انتظرت التبريرات التي ستقدمها جماعة الإخوان.. والتي أقول مقدماً إنها لن تقنعني بسلامة موقفها.. إنه خطأ كبير.. ولابد من الاعتذار عنه.. لأن الجماعة لن تجد من يدافع عنها بعد ذلك.. ولا عن حقها في العمل السياسي.
هل حقاً جماعة الإخوان وقياداتها تؤمن بالديمقراطية وبحق تداول السلطة بين القوي السياسية.. أم لها أجندة خاصة بها تريد تنفيذها بغض النظر عن الوسائل التي سوف تستخدمها في الوصول إلي أهداف ونتائج هذه الأجندة؟

لن أسأل.. من الذي أوصل جماعة الإخوان إلي هذا الموقف؟ فكلنا يعرف الأسباب.. ويعرف أن السياسات الغبية التي ينتهجها الحزب الحاكم وبعض أجهزة الدولة..
وإطلاق يد جهاز الأمن في تأمين واحتكار العمل السياسي لحساب الحزب الحاكم بالتزوير والبلطجة والعنف - هي المسؤول الأول عن هذا المشهد الذي رأيناه في جامعة الأزهر.. وعن غيره من المشاهد المؤسفة علي صعيد العمل السياسي في مصر

لن أتحدث عن الأسباب.. فليس هناك أحد في كل مصر مستعد لمعرفة الأسباب.. ولا قبول الحديث عنها الآن

أولاً.. علي جماعة الإخوان أن يوضحوا موقفهم.. ثم نناقش الأسباب بعد ذلك

في الممنوع 14/12/2006


صدق أو لا تصدق.. لدينا خطة قومية لمكافحة أطفال الشوارع منذ عام ٢٠٠٣ وهذه الخطة وضعتها وتشرف عليها السيدة سوزان مبارك!
السؤال: لو لم تكن هناك خطة!. وقومية كمان! وتشرف عليها السيدة سوزان مبارك.. ماذا كان وضع أطفال الشوارع؟ أم أن هذه الخطة لا وجود لها علي أرض الواقع ولم ينفذ منها شيء؟!
الطريف أن هذه الخطة القومية لها لجنة تنفيذية تضم في عضويتها محافظين ومسؤولين ورجال أعمال، ثم لا عمل لها، ولا أعتقد أنها اجتمعت مرة واحدة، وإلا كنا قد سمعنا عنها، فلا يوجد نشاط تقوم به السيدة سوزان مبارك، إلا وتنشر عنه وسائل الإعلام، وهذه هي المرة الأولي التي أسمع فيها عن وجود هذه الخطة القومية، وأرجو ألا تكون الأخيرة

وحبذا عندما يقوم مجلس الشعب بمناقشة السؤال أو طلب الإحاطة الذي تقدم به الدكتور زكريا عزمي لمحاسبة الجمعيات الأهلية وتقاعسها عن القيام بدورها في التصدي لظاهرة أطفال الشوارع، أن يقوم نواب الشعب بمناقشة خطة السيدة سوزان مبارك،
وأن يعرفوا ما الذي نفذ منها، وما الذي لم ينفذ، وأن يبحثوا في المعوقات التي أعاقت تنفيذها، وأن يطالبوا الحكومة بتوفير كل سبل الدعم لها، لأنها هي التي تتحمل المسؤولية الكبري عنها، وإذا كان هناك تقصير فعليهم أن يحددوا المسؤول عن هذا التقصير ليحاسبوه، طالما أن الدكتور زكريا عزمي يتحدث عن قصور وتقصير ومحاسبة

إننا للأسف لا نعرف كم يبلغ عدد أطفال الشوارع، فالبعض يقدرهم بنصف مليون طفل، والبعض يقدرهم بمليوني طفل، ومنذ أيام أعلن المجلس القومي للأمومة والطفولة أنه بصدد الانتهاء - علي شهر مارس المقبل - من إعداد دراسة تفصيلية عن ظاهرة أطفال الشوارع

إن السيدة سوزان مبارك تقوم بأنشطة اجتماعية كثيرة ومتنوعة، ولو ركزت جهودها في قضية أطفال الشوارع وتابعت الخطة القومية التي وضعتها عام ٢٠٠٣ لكان هذا أفضل وأنفع للصالح العام من الكثير من الأنشطة العديدة التي تقوم بها، والتي لا أقلل من أهميتها، لكنها لا تقارن بالنسبة لظاهرة أطفال الشوارع،
فالأولوية القصوي هي لأطفال الشوارع، لأنها سبة في جبين نظام الحكم الحالي، وهو المسؤول عنها، فلا يستطيع أحد أن يزعم أنه ورثها عن العهود السابقة.
ب

في الممنوع 13/12/2006


لفرط سذاجتي كنت أظن أن الإعلام الحكومي أو الإعلام الرسمي سوف يختفي تدريجيا خلال السنوات العشر الأخيرة.. أي بالكثير دوره سوف ينتهي علي بداية عام ٢٠١٠،
وهذا بالضرورة يعني إلغاء وزارة الإعلام قبل هذا التاريخ، وبنيت هذا الرأي أو هذا الاستنتاج علي رأي قاطع قاله صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري في البرنامج الذي أقدمه علي شاشة قناة «دريم» منذ حوالي أربع سنوات: أنا آخر وزير إعلام في مصر؟

بالطبع لم تصدق نبوءة أو مقولة صفوت الشريف، فقد رحل إلي مجلس الشوري، وعين بعده في منصب وزير الإعلام الدكتور ممدوح البلتاجي ثم أنس الفقي، وربما يأتي بعد الفقي عشرون وزير إعلام آخرون

لكن عندما يقول صفوت الشريف إنه آخر وزير إعلام، ويقولها بثقة مطلقة لا حدود لها، وهو أحد أركان نظام الحكم الرئيسية، ولعب أدواراً مهمة، ليست مقصورة فقط علي حدود وظيفته كوزير إعلام، إنما امتدت إلي مهام دبلوماسية ومهام أمنية

فقد كان صفوت الشريف وعلي امتداد سنوات طويلة هو رجل المهام السرية، والموثوق به دائما من القيادة السياسية، هنا لابد أن نتعامل مع تلك العبارة التي قالها بكثير من الثقة، فهو يعرف ما يقول، وهو عندما يقول ذلك يدرك تماما أن هذا هو رأي القيادة السياسية.
طبعا لا شيء مضمونا تماما.. ويمكن للقيادة السياسية أن تغير رأيها بين يوم وليلة، بل يمكن أن تغير رأيها في نفس اللحظة، فليس عليها رقيب، ولن يحاسبها أحد في جميع الأحوال، علي هذا الرأي أو ذاك

المهم أن نبوءة صفوت الشريف لم تتحقق، وخطئي أنني تعاملت معها علي أنها حقيقة دامغة، لا تقبل الشكومن ناحية أخري، فطبيعة الأشياء أن يلغي منصب وزير الإعلام، ومسؤوليات الوزير يمكن بسهولة توزيعها علي أكثر من مسؤول، دون أن يتغير شيء

وإلغاء منصب وزير الإعلام هو مقدمة لإلغاء الإعلام الحكومي والرسمي، لكن يبدو أنني أخطأت، وتسرعت في هذا الحكم، بينما الحقيقة هي أن وزارة الإعلام ستبقي ما بقي «نبض» عند القيادة السياسية، ونحن الزائلون، والإعلام الحكومي سيبقي هو الآخر، لكي يحدثنا عن الزيارة التاريخية التي قام بها السيد رئيس الجمهورية إلي الصين

وعن إنجازات تلك الزيارة عشرات المشروعات المشتركة، ومليارات الدولارات تتدفق علي مصر، وهي نفس المانشيتات التي سبق نشرها في زيارة السيد رئيس الجمهورية منذ إحدي عشرة سنة إلي الصين أيضا

نفس المانشيتات ونفس العناوين ونفس الفبركة الإعلامية وهي نفس المانشيتات التي سينشرها الإعلام الحكومي في الزيارة التي سيقوم بها السيد رئيس الجمهورية إلي الصين بعد عشر سنوات.. ودمتم

في الممنوع 12/12/2006


رأي آخر في قضية الحجاب.. جدير بالنشر

السيد/...
بعد قراءتي عمودك اليومي، الذي نشرت فيه رسالة للأم المصرية المسلمة نهي فتحي، تعبر عن رأيها في قضية الحجاب، أرجو أن يتسع صدرك لنشر رسالة أم أخري مسلمة مصرية، إذا أردت أن تثبت حيادك في تلك القضية، وأنك لا تتبني الآراء التي تضمنتها الرسالة المذكورة

١ - نعم الزي عامل متغير بطبيعته ليناسب المكان والزمان، ولكنه مرتبط بالدين الإسلامي في الواقع، وكان الأفضل مع اعتراف سيادتك بقصور علمك - علي حد تعبيرك - مقارنة بالعلماء المسلمين، أن تتركي القضية لأهل العلم

٢ - قول الله تعالي «وليضربن بخمرهن علي جيوبهن» (النور-٣١)، لا يعني في الحقيقة أن الخمار «هو الشال» كما ذكرت، ولكن الخمار هو غطاء الرأس الذي ينسدل ليغطي الجيب «جيوبهن»، وهو الجزء ما بين الرقبة والصدر

٣ - سؤالك للرجال: «هل شعر المرأة مُغر جنسياً؟».. من قال إن الحجاب هو مجرد غطاء الرأس «مع الاعتراف طبعاً بأن شعر المرأة زينة ويجمل الوجه علي العموم باعتراف الرجال»، ولكن الحجاب يعني أن يكون زي المرأة لا يشف ولا يصف الجسم، ولا يكون ملفتاً في حد ذاته

٤ - قولك بأن المرأة المقتنعة بالحجاب أو المحجبة مقتنعة بأنها عورة، هو قول مخالف للحقيقة والواقع، ولكنه يضيف شعوراً بالعزة والفخر، بأننا نعلن أننا مسلمات بذلك الزي، وهل أخرجت المسلمات الأوائل «المحجبات» رجالاً أو نساء معاقين أو متخلفين؟؟ أم ربَّين رجالاً فتحوا الدنيا ونساء أنجبن العلماء والفقهاء، ليس في الدين فقط، ولكن في كل العلوم «التي أنارت العالم في عصور الظلام الأوروبية التي لم تكن فيها النساء المستنيرات محجبات؟»

٥ - كنا بالأمس ومازلنا اليوم وسنظل غداً وبعد غد - نقدس حجاب المرأة، لأنه جزء من كل نقدسه وهو ديننا الإسلامي الذي سنلقي الله عليه «إن شاء الله» يوم القيامة

٦ - حقاً.. بني الإسلام علي خمس، ولم يقل أحد إن الحجاب هو السادس، ولكن الإسلام ليس فقط تلك الأركان، وإلا لقلنا كفانا الأركان ونسرق، ونرتشي، ونكذب، أم أن هذه وغيرها من الأركان الخمسة؟؟

٧ - أختي المرسلة للرسالة، قولي ما شئت، ولكن امتنعي عن الكلام فيما اعترفت بنفسك بقصور علمك وعقلك عن الكلام فيه حتي تحفظي كرامتك، ولا تتجرئي علي فتوي لست في حجمها.
التوقيع: ليلي سامي - أم مسلمة مصرية ولست مصرية مسلمة

..أيضاً سأترك هذه الرسالة بدون تعليق.. وبها يغلق باب الحوار

في الممنوع 11/12/2006


«حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية علي وشك الانتهاء منها خلال أيام».
هذا التصريح سمعته وقرأته علي لسان إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية.. كما سمعته علي لسان الرئيس محمود عباس عدة مرات.

ثم لا يمضي يومان أو ثلاثة أيام.. وتصدر تصريحات علي لسان كل من إسماعيل هنية ومحمود عباس، تنفي التوصل إلي اتفاق.. وتعلن أن الاتفاق لايزال بعيد المنال.. وأن هناك نقاطاً خلافية لاتزال تبحث عن حل، وعن إجراء مزيد من المفاوضات والمشاورات.

وبين هذا وذاك.. خرجت عشرات التصريحات الأخري، التي تتحدث عن أسباب تأجيل تشكيل حكومة للوحدة الوطنية الفلسطينية.. فمنظمة «حماس» - كما أعلن إسماعيل هنية - تتمسك بحقيبتي المالية والداخلية.. ومنظمة «فتح» أعلنت - علي لسان الرئيس عباس - أن الخلاف يدور حول قدرة حكومة الوحدة الوطنية علي إنهاء الحصار الإسرائيلي للمدن الفلسطينية.

بصراحة.. لم أعد أفهم ما يقال، وما يصدر من تصريحات.. واعتقادي أن الطرفين يكذبان، وأن حقيقة الخلاف والسبب وراء فشل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هو الصراع علي السلطة بين منظمتي «حماس» و«فتح».. ورغبة كل منهما في أن يمسك بالسلطة في يده.. وأن يكون لكل طرف سلطة اتخاذ القرار وحده.

هذا هو السبب في فشل حكومة الوحدة الوطنية، وهو صراع لا دخل للشعب الفلسطيني به.. ولا يصب في مصلحته.

لا «حماس» تفكر في مصلحة الشعب الفلسطيني، ولا حركة «فتح» ولا السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس أيضاً.. وكل منهما لا يريد حكومة الوحدة الوطنية، فكل منهما يريد الاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم.

«فتح» لا تصدق أن «حماس» حققت انتصاراً عليها في الانتخابات التشريعية، وأنها فقدت أغلبيتها في المجلس النيابي.. و«حماس» تخلط الأوراق، ولا تعرف كيف تفرق بين المقاومة كخيار وحيد لها، وبين وصولها إلي الحكم.

«فتح» و«حماس» الآن تشكلان خطراً علي قضية الشعب الفلسطيني، لا يقل خطورة عما تفعله سياسة الاحتلال الإسرائيلي من قتل وحصار وتجويع للفلسطينيين.
لا «حماس» تريد حكومة الوحدة الوطنية.. ولا «فتح» أيضاً.

وما يدور علي الصعيد الفلسطيني، يدور مثله في كل من لبنان والعراق.. هو صراع علي السلطة بشكل أو بآخر، وهو صراع لا يصب في مصالح تلك الشعوب.

وللأسف.. فأنظمة الحكم العربية المتبقية - ومنها مصر - التي تتحدث عن الاستقرار علي أنه إنجاز، حققت هذا الاستقرار الوهمي بالقهر وبالديكتاتورية، وبزيادة قبضة الأمن وتدخله في كل شيء في حياة المواطن.. وليس بالتراضي وبالديمقراطية.

إما صراع علي السلطة، وإما ديكتاتورية سافرة أو مقنعة.. هذا هو حال العرب!
ب

في الممنوع 10/12/2006


لكل صحيفة أو وسيلة إعلام سياسة تختلف عن الأخري.. فالصحيفة القومية «الحكومية» تختلف عن الصحيفة الخاصة أو الحزبية.. وحتي الصحف القومية تختلف فيما بينها في التغطية الإخبارية.
وليس لي أو لغيري أن يتدخل في سياسة هذه الصحيفة أو تلك.. أي أن أقول: هذه سياسة سليمة، وهذه سياسة خاطئة، فهي قد تكون خاطئة بالنسبة لي، لكنها صحيحة تماما بالنسبة للقائمين عليها

لكن هذا لا يمنع حقي في أن أبدي بعض الملاحظات علي بعض المعالجات الصحفية.. خاصة إذا كانت تعطي انطباعات معينة أو تؤدي إلي التوصل إلي نتائج محددة.
ما كل هذه المقدمة الطويلة واللف والدوران؟

حمل مانشيت «الأهرام»، عدد الأربعاء الماضي، تصريحات الرئيس مبارك حول العراق.. بعد استقباله وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، وهذا أمر طبيعي بالنسبة للأهرام كصحيفة قومية.. وطبيعي كذلك أن تنشر تحت المانشيت خبرا عن اجتماع الرئيس مبارك مع بعض قيادات الحزب الوطني والوزراء، لمناقشة ما أطلقت عليه «الأهرام» الأجندة التشريعية للدورة البرلمانية.. وطبيعي مرة ثالثة أن تنشر «الأهرام» تحت هذا الخبر خبرا آخر عن سفر الرئيس مبارك إلي أيرلندا ضمن جولة تشمل فرنسا وألمانيا.

كل هذا طبيعي.. فأخبار الرئيس مبارك تتقدم ولها الأولوية المطلقة علي أي أخبار أخري، سواء كانت هذه الأخبار مهمة أو غير مهمة، فهذا ليست له علاقة بماذا يريد القارئ أو أن هذه الأخبار تهم المواطن أم لا

لكن غير الطبيعي، من وجهة نظري، هو أن تنشر «الأهرام» علي صدر الصفحة الأولي أيضا.. وتحت أخبار الرئيس مبارك مباشرة.. تصريحا علي لسان السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية في كلمة ألقتها عن الاحتفال بمرور ٥٠ عاما علي إنشاء مكتب أمريكا والشرق الأوسط للخدمات التعليمية والتدريب.
الخبر ليست له أهمية، ويمكن نشره في صفحة داخلية دون حاجة إلي إبرازه في الصفحة الأولي

ثم إلي جوار تصريحات السيدة سوزان مبارك مباشرة.. نشرت «الأهرام» تصريحا للسيد جمال مبارك عن تطوير مشاركة القطاع الخاص في مشروعات خدمات النقل الجوي.

لأ.. هذا كثير، فالنصف الأعلي من الصحيفة كله تضمن أخبار الرئيس وقرينته ونجله، وليس لي اعتراض علي ذلك.. لكن ملاحظتي هي أن أخبار قرينة الرئيس ونجله ليست بالأهمية التي تستحق النشر في الصفحة الأولي.. وبالكثير يلقي بها في صفحة داخلية.

ومرة أخري.. لا أريد أن أبدو كمن يتدخل في سياسة صحيفة «الأهرام»، فهذا لا يشغلني ولا يحتل أي مساحة من تفكيري.. ولكن نشر أخبار الرئيس وقرينته ونجله بهذه الطريقة ودون مبرر.. من وجهة نظري.. أعطي الانطباع عندي ـ وأعتقد عند الكثيرين ـ أننا أمام حكم «العائلة»، وأن الرئيس وقرينته ونجله أصبحوا من الأولويات المفروضة علي الناس.
الرئيس نعم.. ونشر أخباره علي العين والراس.. بصفته رئيسا للجمهورية.. لكن ماذا عن السيدة قرينته وماذا عن نجله؟
إنني لا أنتقد «الأهرام»، وربما هي تستحق الشكر لأنها أوضحت لنا أننا نعيش في زمن حكم العائلة، وهذا ليس في مصلحة الرئيس مبارك.. فضلا عن أنه لا يليق بمصر أن تحكم بهذه الطريقة

مصر أكبر من ذلك بكثير.. إلا رذا أصبحت مصر صغيرة جداً.. ونحن لا ندري.ب

22.3.08

في الممنوع 9/12/2006


رسالة مهمة تلقيتها من الدكتورة هنا أبوالغار.. تعلق فيها علي جريمة أطفال الشوارع التي شغلت الرأي العام في الأيام الماضية.. وهي رسالة غاضبة وجديرة بالنشر.. تحمل فيها الدولة المسؤولية عنها.. وليس الجمعيات الأهلية كما اتهمها الدكتور زكريا عزمي تحت قبة البرلمان

السيد/....
أكتب إليك لأشكو لك ولقرائك، بعد أن شكوت لله من الظلم والحزن والإحباط الذي ألمّ بي عند متابعتي ما نشر وقيل عن الجريمة الأخيرة الخاصة بأطفال الشوارع، والتي تعامل الإعلام معها وكأنها فضيحة سينمائية، وتناسي أن الجريمة واقعة منذ سنوات، وأن الجميع شارك فيها من دولة وأفراد، إلا إذا كنا سنعتبر أن وجود أطفال في الشارع ليس جريمة!!
الحزن جاء من بشاعة الجريمة، التي لم ترحم أطفالاً أعرف من خلال عملي معهم أنهم لا يقلون براءة، ورقة، وجمالاً عن أي من أبنائنا. وأنهم يعانون من الذُل، والجوع، والبرد، والاستغلال بشتي طرقه، وبالرغم من هذا يرون الشارع أحن عليهم من أهلهم، ويختارونه هروباً مما هو أسوأ. صدمت أن يقتل أصدقائي بهذه البشاعة، وتمنيت لو أننا في الجمعية التي أتطوع بالعمل فيها نستطيع أن نأويهم جميعاً، لكن من يستطيع أن يأوي ما بين نصف مليون واثنين مليون من الأطفال؟ وكنت أتمني أن تتناول الدولة، والإعلام هذه القضية بموضوعية، وكنت أتمني ألا أسمع من الدكتور زكريا عزمي، في جلسة مجلس الشعب، ثم من الأستاذ محمود صلاح، رئيس تحرير «أخبار الحوادث» في برنامج العاشرة مساءً علي قناة «دريم» ثم من آخرين، هاجموا الجمعيات العاملة في هذا المجال واتهموها في جديتها، وفي مصداقيتها، وفي أمانتها (وهي اتهامات لو صدرت ضد أحد منهم بدون سند أو دليل لكان توجه إلي القضاء فوراً)، كنت أتمني من السادة المحترمين دراسة أسباب نزول الأطفال إلي الشارع، والأسباب الاقتصادية، والظلم الاجتماعي، ومعاملات وزارة الداخلية المصرية مع هؤلاء الأطفال عندما يقعون في أيديهم، وأن يقوموا بمحاسبة هذه الحكومة، والحكومات السابقة التي وضعت سياسات أوصلت المجتمع المصري الذي لم يكن ليسمح بأن يمس أحد بنتاً من بناته بنظرة، إلي أن أصبح يلقي بها في الشارع لتغتصب وتُهان، والذي كان الابن فيه يعتبر فخراً لأسرته مهما كان فقرها، إلي أن يتم الزج به في الشارع

من السهل إلقاء اللوم علي الطفل، فهو مجرم، وقذر، ويستحق هذا المصير!، والأسهل لوم الأهل، فهم جهلاء، بلا قلب ولا رحمة!، والجمعيات الأهلية التي يكرس فيها المصريون الشرفاء وقتهم ومالهم تتربح من المأساة، ويوضع عليها علامات الاستفهام!! وتخرج الدولة المصرية بحكومتها «العريقة» من المشكلة.
أرجوكم! إذا لم ترحموا، فعلي الأقل اتركوا من يحاولون فعل شيء إيجابي أن يفعلوه، أرجوكم اتركوا رحمة ربنا تعم علي هذا الشعب التعس.
التوقيع: هنا أبوالغار - طبيبة ومتطوعة في مجال عمل الأطفال

أتفق معك تماماً في أن الدولة هي المسؤول الأول عن هذه الجريمة.. فهي نتاج الفقر.. وهي جريمة تضاف إلي أكوام الجرائم الأخري التي تفشت في المجتمع.. وتخلت الدولة عن دورها وواجبها في التصدي لها.. وأصبحت تلقي بالمسؤولية علي المجتمع.
لم تعد هناك دولة.. ولا يشعر بوجودها أحد.. إلا في ازدياد قبضة الأمن.. الذي تخلي هو الآخر عن دوره في تحمل مسؤولية أطفال الشوارع.. فكل وقت جهاز الأمن في توفير الحماية لنظام الحكم.. وللأسف من الشعب؟ أما الإعلام فهو لا يختلف كثيراً عن الأمن

في الممنوع 8/12/2006


في تصريحات صحفية، حذر الرئيس حسني مبارك من تحول لبنان إلي ساحة للقتال، وطالب الأطراف الخارجية بعدم تصعيد الأزمة الراهنة - دون أن يحدد الرئيس مبارك تلك الأطراف - كما دعا الأطراف اللبنانية إلي حل المشكلات بينها عن طريق الحوار

وما أعلنه الرئيس مبارك، هو الموقف السليم والصحيح للخروج من الأزمة اللبنانية الحالية، حيث لا بديل عن الحوار.. والخطر كل الخطر من تدويل الأزمة، وترك القوي الخارجية تعبث بأمن واستقرار لبنان

لكن المعارضة اللبنانية لم تعجبها تصريحات الرئيس مبارك.. وانتقدها علناً الوزير السابق سليمان فرنجية زعيم تنظيم «المردة»، فكيف يستقيم أن تصدر تلك التصريحات عن الرئيس مبارك، في الوقت الذي تقف فيه مصر إلي جانب حكومة فؤاد السنيورة ومجموعة ١٤ مارس؟
أي أن مصر لا تقف علي الحياد، وإنما انحازت إلي فريق ضد فريق آخر.. وهو موقف خاطئ بالطبع، ويقلل من تأثير وفاعلية تصريحات الرئيس مبارك.
إذا انحازت مصر إلي فريق.. فما الخطأ في أن تنحاز سوريا أو إيران إلي فريق آخر؟

إن الصراع الإقليمي والدولي كشف عن تدخله العلني والسافر في لبنان.
السعودية ومصر والأردن ومعها إسرائيل، تؤيد حكومة فؤاد السنيورة ومجموعة ١٤ مارس، وتدعم وجودها واستمرارها وبقاءها في السلطة.. إلي جانب الدعم الدولي من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
بينما تدعم كل من سوريا وإيران المعارضة اللبنانية

هذا الصراع الإقليمي والدولي لا يخدم لبنان، ولا يخرجه من أزمته الحالية، بل يعمل علي زيادة تأزيمها وعلي توسيع شقة الخلاف بينهما وعلي تمسك كل فريق بموقفه

مصر يجب أن تبتعد عن هذا الصراع.. وإذا أرادت أن تلعب دوراً، فليكن لصالح لبنان وشعبه وليس لصالح فريق ضد فريق

ففي السبعينيات وأثناء الحرب الأهلية اللبنانية.. رفعت مصر علي لسان الرئيس الراحل أنور السادات شعار: «ارفعوا أيديكم عن لبنان.. هذا هو الموقف الذي يجب أن تحرص عليه مصر وتدعو إليه اليوم، فالذين يتدخلون اليوم في شؤون لبنان.. عربياً ودولياً.. يلعبون لغير صالح لبنان.. ويدفعون بالأمور نحو الحرب الأهلية من جديد

إن نصف أزمة لبنان الحالية ليس صناعة محلية، إنما صناعة عربية وإقليمية ودولية.. ولبنان يشهد حروب الآخرين علي أرضه، إلي جانب أن التربة اللبنانية تشجع علي قيام مثل هذه الحروب، بسبب التركيبة السياسية والطائفية والمذهبية التي يعيشها المجتمع اللبناني.. فكما أن هذا التنوع المذهبي مصدر قوة للبنان.. فإنه مصدر ضعف كبير.. وهو السبب في الأزمات التي عاشها لبنان علي مدي أكثر من ٤٥ عاماً.. إلا أن إرادة الحياة لدي الشعب اللبناني كانت أقوي وانتصرت في كل أزمة، لكن الثمن في كل مرة كان كبيراً، بل فادحاً.. وفي كل مرة لا تسلم الجرة

في الممنوع 7/12/2006


في الطريق من بيتي بالمقطم إلي المستشفي الذي كنت أعالج به، وعلي مدي أكثر من شهرين .. كنت أمرّ يومياً تقريباً علي مبني مباحث أمن الدولة في مدينة نصر، فضلاً عن أنه الطريق الذي أسير فيه كلما أردت الذهاب إلي مدينة نصر أو مصر الجديدة

وفي كل مرة أشاهد فيها مبني مباحث أمن الدولة، أفكر فيما يقال ويتردد ويتعامل معه الكثيرون، وأنا واحد من هؤلاء، علي أنه حقيقة.. من أن الزنازين التي بداخله تستخدم في التعذيب وفي نزع الاعترافات من المتهمين وإجبارهم علي الاعتراف بجرائم، ربما لم يرتكبوها.
ولم لا.. فالتعذيب جريمة سجلتها مئات الأحكام القضائية، وتوسعت وزارة الداخلية في استخدامها في السنوات الخمس عشرة الأخيرة علي نطاق كبير.. سواء في السجون أو في بعض أقسام الشرطة أو في المبني الذي أمر عليه أكثر من مرة في الأسبوع الواحد.
تراودني هذه الأفكار، كلما مررت علي مبني مباحث أمن الدولة، وتطاردني الأسئلة: لماذا التعذيب؟ ولماذا اعتماده كسياسة أمنية ثابتة منذ منتصف التسعينيات وما قبلها، بينما تتشدق الحكومة وحزبها باحترام حقوق المواطن، وبأنها أنشأت مجلساً قومياً يحمل اسم حقوق الإنسان؟! ماذا فعل هذا المجلس في وقف هذه الجريمة أو الحد منها؟

لماذا لا تقوم النيابة بدورها في التفتيش علي السجون كما خولها القانون هذه السلطة؟ كم تلقت من بلاغات.. عشرات، مئات، آلاف البلاغات عن ارتكاب جرائم تعذيب.. في وقائع محددة، بالأسماء وبالأماكن؟ وهل قامت بالتحقيق في واحدة منها؟

ما أعظم القوانين والتشريعات التي عالجت قضية التعذيب! فقد جعل منها دستور ٧١، جريمة لا تسقط بالتقادم.. كما أن القانون أعطي النيابة والقضاء، سلطة الرقابة والتفتيش، وبالرغم من ذلك.. فالجريمة ترتكب وعلي نطاق واسع، والجهات المنوط بها هذه المهمة يبدو أنها لسبب أو لآخر.. هناك ما يمنعها من القيام بدورها.
وبعد أن تراودني هذه الأفكار، وتطاردني تلك التساؤلات.. تسيطر علي فكرة ساذجة هي: لماذا لا تفتح أبواب مبني مباحث أمن الدولة أمام الجمهور؟ ولماذا لا نعيش محترمين مثل بقية خلق الله؟ وأن من يرد أن يتأكد بنفسه أن حقوق الإنسان مصانة ومحترمة ولا تنتهك

فليتفضل بزيارة مبني مباحث أمن الدولة، فلا توجد زنازين، ولا ترتكب جريمة تعذيب واحدة، والمتهم بريء إلي أن تثبت إدانته كما تقول القاعدة القانونية.. لكنني سرعان ما أفيق من هذا الحلم، وتسيطر علي تفكيري أشياء أخري

كل هذا الشريط يمر أمامي لبضع دقائق وربما لأقل من دقيقتين، كلما مررت علي مبني مباحث أمن الدولة.. ولا حل أمامي سوي تغيير هذا الطريق، حتي ولو كان هو الأفضل والأقصر بالنسبة لي.. والحل الآخر هو أن نعيش محترمين في بلادنا.. لكن متي؟ وهل لدي أمانة السياسات بالحزب الوطني إجابة؟


في الممنوع 6/12/2006


من السيدة نهي فتحي تلقيت هذه الرسالة.. التي أري أنها جديرة بالنشر.. وفيها تعلق علي قضية مصر الأولي رغم أنوفنا.. ألا وهي الحجاب.. وسأترك الرسالة بلا تعليق

السيد/....
لم أعد أدري إن كان من حقي أن أبدي رأياً خاصاً في الحجاب أم أنه أصبح فعلاً من المقدسات الإسلامية «وما أكثرها مؤخراً»، ورغم الخوف من الاتهام الجاهز مسبقاً بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو السخرية أو نظرات الإشفاق أو الدعوات المسبلة العيون بالهداية، فإنني قررت أن أقول رأيي ووجهة نظري «علي قلة قيمتها بمواجهة علماء أجلاء سابقين ولاحقين!!».ب

١- أعتقد أن الزي مثله مثل اللغة عامل متغير بطبيعته ليناسب المكان والزمان ولا أستطيع «بعقلي الناقص» أن أربطه بأي دين بأي شكل من الأشكال

٢- سكان شبه الجزيرة العربية رجالاً ونساء، يرتدون غطاء رأس حتي من قبل رسالة الرسول الكريم

٣- يقول الله في كتابه العزيز «.... وليضربن بخمرهن علي جيوبهن».
ومع اعترافي التام بقصر قامتي بجانب فقهاء اللغة العربية السابقين واللاحقين، إلا أنني لا أستطيع إلا أن أفهم أن الأمر في هذه الآية ليس بارتداء حجاب أو غطاء للرأس وإنما هو مجرد تعديل لطريقة ارتداء ما يسمي الخمار «أي الشال».ب

٤- لا أصدق «بنفس عقلي الناقص» أن مجرد رؤية شعور النساء في الشوارع سوف يفقد الرجال الأجلاء الأشداء القوامين علي النساء رباطة جأشهم فجأة ويصبحون كالحيوانات المستثارة

«سؤال للرجال: هل شعر المرأة مغر جنسياً بجد؟»

٥- لا أفهم كيف تعيش المرأة عمرها كله مقتنعة بأنها «عورة»؟ كيف تربي هذه «العورة» المختبئة وجوباً رجالا ونساء دون أن تنقل لكليهما إحساس «العورة»؟ ألا يبرر ذلك لشعوبنا إحساس الذل والهوان الذي أصبح شبه متأصل، بل شبه مرادف لكل ما هو عربي ومسلم؟

٦- لماذا الآن واليوم وفي هذا الحاضر المهين بالذات، تعلو هذه الدعوة إلي حجاب المرأة «بل تقديسه»، أعتقد أننا نختبئ خلف هذا الحجاب من ذلك الواقع المرير، وذلك علي مستويين

أولاً: الأفراد: المرأة العربية المسلمة والرجل العربي المسلم كأفراد يواجهون فشلهم اليومي في العيش بكرامة، في ظل أنظمة حكم غير عادلة. ولأن الإنسان يريد أن يشعر بالنجاح والتمييز بأي شكل كان، أصبح من السهل الادعاء بأننا نجحنا في طاعة الله وذلك بمجرد ارتداء قطعة قماش لن تكلفنا أي عمل أو جهد حقيقي لتحقيق نجاح فعلي وملموس «مفيش أسهل من كده نجاح.. ولاّ إيه؟»

ثانيا: الأمة: بالرغم من أن الأمة الإسلامية الآن تعترف بهوانها وتأخرها العلمي والمجتمعي، فإنها استطاعت أن تحتفظ لنفسها بدرجة أرفع من هؤلاء الآخرين المتقدمين علمياً ومجتمعياً بأنها الأمة التي أطاعت الله وألبست نساءها الحجاب

٧- بني الإسلام علي خمس، ألا تعتبر إضافة فرض سادس هنا تعديلا لما هو معلوم من الدين بالضرورة؟ «مجرد تساؤل»ب

٨- أختي المحجبة ارتدي ما شئت لكن اعلمي أنه زي عربي وليس زيا إسلامياً إلا وفقاً لما يقوله أهل الدعوة الوهابية، فالزي ثقافة وليس ديناً

التوقيع: نهي فتحي ـ أم مصرية مسلمة

التعليق: أتركه للقارئ

في الممنوع 5/12/2006


ماذا ستقول مجموعة «١٤ مارس» التي تتشكل منها حكومة فؤاد السنيورة في لبنان، بعد المظاهرة الحاشدة التي ملأت ساحتي رياض الصلح والشهداء في قلب بيروت، وتعد أكبر تجمع شعبي في تاريخ لبنان؟

هل يمكن أن تدعي مجموعة «١٤ مارس» بعد الآن أنها تمثل الأكثرية، وأن المعارضة هي الأقلية، والأوهام، كما وصفها النائب سعد الحريري، رئيس كتلة تيار المستقبل؟

ففي هذه المظاهرة الحاشدة تحولت الأكثرية إلي أقلية.. والأقلية إلي أكثرية، ومن مصلحة لبنان أن تعترف الأكثرية بهذه الحقيقة، وأن تعود إلي الحوار.. وتفسح مجالا أوسع للمعارضة، للمشاركة في الحكم، وإلا فسقوط حكومة السنيورة أصبح مسألة وقت، ليس أكثر

إن الشارع اللبناني قال كلمته.. وعلي نواب الأكثرية في البرلمان اللبناني ألا يدفنوا رؤوسهم في الرمال، وأن يروا الحقيقة أمام أعينهم ساطعة كالشمس

لن يستطيع فريق في لبنان، أن يقصي أو يستبعد الآخر، ومن مصلحة الفرقاء أن يجلسوا ويتفاهموا، بشرط أن يقرأوا الواقع، وينسوا أحقادهم، وأن يضعوا مصلحة لبنان فوق مصالحهم الشخصية

إن شعب لبنان هو من أعظم شعوب الأرض قاطبة.. ومأساته في زعاماته، وفي الأحقاد التي تأكل قلوب البعض منهم، ولرئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص قول مأثور: في لبنان حرية كبيرة.. وديمقراطية أقل.. ونحن في مصر نمارس حرية أقل، وديمقراطية معدومة

ما نمارسه في مصر ليست له علاقة بالديمقراطية، يمكنك أن تسميها ما تشاء.. لكن المؤكد أن هذه الممارسة مقطوعة الصلة بشيء اسمه الديمقراطية.. التي تعني تداول السلطة بين القوي السياسية

ما نعيشه وما نمارسه من حياة سياسية، هو ديكتاتورية مقنعة، فالحكومة وحزبها الوطني تعرف ذلك، والمعارضة هي الأخري تدرك ذلك

هي تمثيلية نعيشها.. وكل من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة يمثلان علي بعضهما البعض، والغالبية العظمي من الشعب المصري تخرج لسانها لهما.
لا نريد حرية لبنان، ولا نريد أحقاد زعاماته.. نريد حرية أقل، ونريد ديمقراطية أوسع

نريد فقط أن نعرف الفترة التي يبقي فيها رئيس الجمهورية في الحكم.. متي يتسلم الحكم، ومتي يغادره؟

هل هذا كثير؟!
ونريد آليات وقوانين تضمن نزاهة الانتخابات البرلمانية والرئاسية والطلابية والعمالية، وتمنع جرائم التزوير والتزييف.. مثل أقل دولة ديمقراطية في العالم

هل هذا كثير؟!
هذا هو كل المطلوب وفقط.. وكل شيء سيأتي بعد ذلك

لا نريد حديثاً عن الإصلاح السياسي.. ولا عن إصلاحات دستورية.. فكل هذا كذب و«بكش» وعملية خداع ونصب علني.. يشارك فيه كل من الحكومة وحزبها الوطني، وأحزاب المعارضة أيضاً.
لبنان منكوب بزعاماته وأحقادهم.. ومصر منكوبة في عمودها الفقري، وهو نظام الحكم فيها، الذي ثبت فشله.. ليس اليوم فقط، ولكن منذ ٥٤ عاماً

في الممنوع 4/12/2006


في كتابه: «نجيب محفوظ.. المحطة الأخيرة»، أكد الأستاذ محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب العرب، صحة الواقعة التي سبق لي نشرها عقب وفاة الأديب الراحل نجيب محفوظ.

قال محمد سلماوي ـ حسبما نشرت «المصري اليوم» في عدد السبت الماضي ـ إن مسؤولا بوحدة المفرقعات بأمن رئاسة الجمهورية اتصل به.. وطلب منه أن يقابله في مساء يوم الوفاة بمستشفي الشرطة بالعجوزة، لإتمام إجراءات تسلم الجثمان، الذي تم التحفظ عليه إلي حين الانتهاء من الجنازة العسكرية، التي أقيمت ظهر اليوم التالي «السبت»، والتي حضرها رئيس الجمهورية.
ودار الحوار التالي بين سلماوي وخبير المفرقعات بأمن الرئاسة:

سلماوي: ماذا تقصد بتسلم الجثمان؟
مندوب الرئاسة: سنؤمنه.. ثم نضع عليه حراسة.. حيث هو في الثلاجة حتي الصباح.. حين تتم عملية الغسل والتكفين والخروج إلي الجنازة العسكرية.. وأضاف: طوال هذه الفترة لن يسمح بالاقتراب من الجثمان.
كان سلماوي أمينا ودقيقا في نقل الحوار الذي دار بينه وبين خبير المفرقعات في أمن الرئاسة.. ويستطيع القارئ أن يفهم الباقي.. وأن يفسر ما بين السطور.

وما بين السطور، هو أن خبير المفرقعات في أثناء عملية الغسل.. قام بتمرير أجهزة الكشف عن المفرقعات علي جسد أديبنا الراحل.. خشية أن تقوم جماعات إرهابية بوضع متفجرات داخل جسده.. وهذا ما كشفت عنه مصادري من داخل مستشفي الشرطة.. عندما تناولت هذه الواقعة، وكتبت عنها بعد أيام من وقوعها.. وأثارت ردود فعل واسعة.. وتساؤلات كثيرة.

هل إلي هذه الدرجة المبالغة في تأمين موكب رئيس الجمهورية.. بما فيها انتهاك حرمة الموتي.. بوضع أجهزة الكشف عن المفرقعات علي جسدهم؟ خاصة أننا نتحدث عن قامة أدبية كبيرة هي نجيب محفوظ.. الذي لم يطلب أن تقام له جنازة عسكرية.. إنما كان مطلبه أن تقام له جنازة شعبية من حي الحسين، الذي ولد وعاش سنوات طفولته فيه.

لكن وصية أديبنا الراحل لم تنفذ.. فالجنازة الشعبية لم تتحقق كما أراد، بسبب الإجراءات الأمنية.. وبسبب التحفظ علي الجثمان إلي حين أن تقام الجنازة العسكرية التي سيحضرها رئيس الجمهورية

لماذا أعود إلي الكتابة عن هذه الواقعة من جديد؟
السبب الأول هو توثيقها في كتاب «محمد سلماوي» عن رحلته مع نجيب محفوظ.. كشاهد عيان عليها، والسبب الثاني هو عدم تكرارها، احتراما لقدسية وحرمة الموتي.. فمن الأفضل أن تلغي الجنازة العسكرية التي أقيمت لأديبنا الراحل أو لا يحضرها رئيس الجمهورية.. ولا توضع أجهزة الكشف عن المفرقعات علي جسد نجيب محفوظ.
مش كده.. ولا إيه؟

19.3.08

في الممنوع 3/12/2006


بعد مرور عشرين عاماً علي اختيار موقع الضبعة في الساحل الشمالي لإقامة أول محطة نووية.. يأتي اليوم الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء ليصرح بأننا نبحث حالياً مدي «جدية» اختيار موقع الضبعة.. وهل يصلح الآن أم لا؟ وما البدائل الأخري؟


وتصريح الدكتور نظيف لم يصدر من فراغ.. فمنذ حوالي عام مضي أثيرت ضجة كبيرة حول الزيارة التي قام بها المهندس أحمد المغربي، عندما كان وزيراً للسياحة، إلي منطقة الضبعة.. مع عدد من رجال الأعمال المصريين والعرب..
وتردد وقتها أن الحكومة تفكر في إزالة موقع الضبعة وتحويل المنطقة إلي مشروعات سياحية عالمية.. برؤوس أموال ضخمة. ثم هدأت الضجة بعد الحملة العنيفة التي شارك فيها قطاعات عريضة من الرأي العام.
لكن يبدو أن الفكرة لاتزال قائمة.. بدليل التصريح الأخير الذي أدلي به رئيس الوزراء.

والذي قد لا يعلمه رئيس الوزراء أن اختيار موقع لإقامة محطة نووية يحتاج إلي عدة سنوات.. وإلي اختبارات وإلي جهود مضنية وليس بالأمر السهل أو الهين، بحيث نفرط في موقع صالح بالفعل هو «الضبعة» لكي نبحث عن موقع أو مواقع أخري بديلة علماً بأن موقع الضبعة كما قال خبراء هيئة الطاقة النووية هو أفضل موقع علي مستوي الجمهورية، وأن اختياره جاء بعد تحديد عشرين موقعاً.. فلماذا يثار من جديد: هل موقع الضبعة يصلح أم لا؟


نعم ياسيدي يصلح.. وهو أفضل موقع كما اعترف الخبراء والمتخصصون الذين يجب أن تكون لهم الكلمة الفصل في ذلك.

وقال الخبراء أيضاً إن المحطة النووية لا تعوق إقامة أي مشروعات إلي جانبها.. وهذا معمول به في غالبية دول العالم بعد أن وصلت درجة الأمان بها إلي مستويات تصل إلي ١٠٠%.

إن رئيس الوزراء قبل أن يصرح ويدلي برأيه في مسألة فنية مثل هذه.. عليه أن يسأل أولاً، ويطلب المعلومات.. ثم يدلي بما يشاء من تصريحات بعد ذلك.. أما أن يقول بأننا سنبحث في مدي «جدية» أو صلاحية موقع الضبعة.. فهذا استهتار يصل إلي درجة مخيفة

إلا إذا كانت النية مبيتة لإزالة موقع الضبعة، ومبيتة لتسليم الموقع إلي رجال أعمال بعينهم.. وأنا أربأ برئيس الوزراء أن يقع، أو أن يستدرجه أحد للوقوع، في هذا «الفخ» الذي سيصعب علي رئيس الوزراء الخروج منه.

إنها قضية وطنية.. وعلي رئيس الوزراء أن يحسم موقفه سريعاً.. وأن يطلب المعلومات قبل أن يطرح السؤال من جديد: هل موقع الضبعة يصلح لإقامة محطة نووية أم لا؟
مرة أخري:
نعم يا سيدي يصلح.. ومن يقل بغير ذلك فهو يلعب بالنار

في الممنوع 2/12/2006


فشل الحوار في لبنان.. وقررت قوي المعارضة النزول إلي الشارع لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة، وحددت المعارضة مطالبها في تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستبعد أحدا.. تقوم بمهمة إعداد قانون جديد للانتخابات.
وأعلنت المعارضة أن دعوتها إلي التظاهر في قلب بيروت.. ستتحول إلي اعتصام مفتوح حتي تسقط الحكومة، وأمس الساعة الثانية ظهرا تحددت ساعة الصفر.. ومن غير المعروف ساعة النهاية لتلك المظاهرات، هل تستمر أياما أم أسابيع؟

ومن غير المعروف أيضا.. كيف ستواجه مجموعة ١٤ مارس التي تتشكل منها الحكومة هذا المأزق الكبير؟ هل ستدعو أنصارها للنزول إلي الشارع أيضا؟ هل ستتمسك بالسلطة أكثر؟ أم ستتراجع وتعلن عن تقديم تنازلات تسمح للمعارضة بلعب دور أكبر.. من خلال الدعوة إلي الحوار والجلوس علي طاولة المفاوضات؟ أم ستلجأ إلي السفارات طلبا للحماية والخلاص من هذا المأزق الكبير؟

إلي متي يستطيع لبنان تحمل اعتصام مفتوح دعت إليه المعارضة؟ وإلي متي تستطيع الحكومة الصمود والبقاء؟

إلي أين يسير لبنان؟ هل إلي المجهول وإلي الحرب الأهلية؟ هل تتحول دعوة المعارضة إلي التظاهر المدني السلمي، كإحدي وسائل التعبير الديمقراطي عن حرية الرأي، إلي مواجهة مسلحة مع قوي ١٤ مارس؟

متي ينفد صبر الحكومة وتقرر نزول قوات الأمن وقوي الجيش لضبط الشارع اللبناني؟ وهل تستطيع اتخاذ مثل هذا القرار؟

كيف ستتصرف الحكومة؟

أسئلة كلها مفتوحة.. ولا توجد إجابة واحدة عنها.. لكن يبدو أن المعارضة مصممة علي حسم الأمر ولصالحها من خلال قوتها في الشارع.. لإسقاط الحكومة.
هل الأكثرية ـ مجموعة ١٤ مارس ـ ستبقي أكثرية كما تدعي بعد نزول المعارضة إلي الشارع؟

ووسط كل هذه المظاهر والتحركات والتحركات المضادة بين قوي الحكومة وقوي المعارضة.. أين مصلحة المواطن اللبناني؟ وكيف ستؤثر بالسلب علي مستوي معيشته؟ وبأي مقدار؟

كم سيدفع من ثمن في أن تبقي أو ترحل حكومة السنيورة.. أو أن تلحق المعارضة الهزيمة بمجموعة ١٤ مارس أو العكس؟

أيا كانت النتيجة.. لبنان هو الخاسر في النهاية.. ولا منتصر في حرب تكسير العظام بين المعارضة وقوي ١٤ مارس


في الممنوع 1/12/2006


لا أحد يعرف من الذي يحكم مصر الآن! هذه العبارة وردت علي لسان الدكتور محمد سليم العوا في الحوار الذي أجرته معه صحيفة «الكرامة» في عددها الأخير، وهي عبارة ترد علي ألسنة كثير من السياسيين والمشتغلين بالعمل العام.. ويقصد بها.. أن أحداً لا يعرف كيف يصدر القرار في مصر! فالطريقة التي يصدر بها.. غامضة وغير واضحة

ما نصيب مؤسسة الرئاسة، وما نصيب أمانة السياسات بالحزب الوطني. وما نصيب باقي المؤسسات والأجهزة في الدولة

مثال: الجامعات المصرية من الذي يرسم سياستها الحالية؟ هل الحكومة ممثلة في وزير التعليم العالي أم أجهزة الأمن هي التي تتولي إدارتها؟

ماهي الجهة التي أصدرت قرار السماح للبلطجية باقتحام أبواب جامعة عين شمس؟ هل هي وزارة التعليم العالي أم جهة غيرها؟

مثال آخر: عند تعديل المادة ٧٦ من الدستور التي أجريت علي أساسها الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. تدخلت أمانة السياسات بالحزب الوطني بقوة لإجراء بعض التعديلات علي الشروط الواجب توافرها في الشخص الذي يرشح نفسه للرئاسة.. والتزمت الحكومة بها.. والبرلمان دوره اقتصر علي الموافقة عليها

لكن هذا المثال يكشف عن الدور الكبير الذي تلعبه أمانة السياسات.. وكيف كان رأيها حاسماً في إدخال بعض التعديلات علي المادة ٧٦ من الدستور.
وبالرغم من أهمية السؤال عن معرفة من الذي يحكم مصر الآن؟ فإن السؤال الأهم في رأيي هو ما أصبح يتردد بقوة.. عن أن الرئيس حسني مبارك في داخله.. لا يرغب في الإصلاح السياسي.. ويقاومه.. ويرفض فكرة التغيير.. أو إجراء تعديلات دستورية تسفر عن تغيير جوهر نظام الحكم.. وأنه يرغب في بقاء السلطة بالكامل في يد رئيس الجمهورية.. فهذا هو الذي يعرفه.. وهذا هو ما تعود عليه ومارسه خلال ٢٥ عاما.. كما أن هذه هي الثقافة التي يعرفها خلال سنوات عمله.. فكيف يقتنع بغيرها وهو في هذه السن المتقدمة من العمر؟ وكيف يقتنع بفكرة تداول السلطة بين القوي السياسية.. وهو في داخله يؤمن ببقاء رئيس الجمهورية في السلطة مدي الحياة؟

لذا فأي إصلاح سياسي.. سوف يسفر عن إجراء إصلاحات علي الشكل فقط دون الجوهر

والسؤال المحير: كيف نفسر إذن ما يطرح حول عدم معرفة من الذي يحكم مصر الآن؟ وكيف يصدر القرار؟

والإجابة ليست محيرة: فبعد مرور ٢٥ عاماً علي بداية أي نظام حكم.. ومع بقاء استمرار بقاء نفس رجال النظام في السلطة.. تظهر قوي جديدة ترغب في أن تلعب دوراً لحسابها.. مثل أمانة السياسات.. وهناك قوي أخري من داخل السلطة تقاوم ذلك لأن زيادة نفوذ أمانة السياسات تقلص من دورها ومن مكانتها

ودوام الحال من المحال

في الممنوع 30/11/2006


نهاية سعيدة تلك التي انتهت إليها واقعة الحجاب مع فاروق حسني وزير الثقافة.. فقد زايد فاروق حسني علي الجميع، علي نواب الوطني، وعلي نواب الإخوان، وعلي الرأي العام الغاضب، الذي قاد المظاهرات ضده

اتضح أن فاروق حسني لم يدل بأي رأي في الحجاب، وأن مجلس الشعب التايواني هو الذي ثار وغضب من تصريحات وزير الثقافة التايواني عن قضية الحجاب.. وأن القضية كلها كانت فبركة من «المصري اليوم»، التي نسبت تلك التصريحات إلي وزير الثقافة المصري فاروق حسني.. ثم عامت الصحف الأخري والفضائيات علي عومها.. وافتعلت الصحافة كل هذه الضجة لأسباب غير معروفة، وربما بالتواطؤ مع جهات معادية، للإساءة إلي فاروق حسني وإلي الحزب الوطني

كنا أمام فيلم هندي أو تايواني من تأليف فاروق حسني، وتمثيل فاروق حسني، ونواب الإخوان والحزب الوطني، ومن إخراج الوزير مفيد شهاب، الذي شارك في كتابة السيناريو للفيلم، والذي كان له الفضل الأكبر في حسم نهاية الفيلم علي هذا النحو، الذي ظهرنا فيه كمجموعة من المغفلين والأغبياء والمتخلفين عقليا، والجمهور عبيط وأهبل هو الآخر.. بدليل هذا الإقبال الشديد علي فيلم الحجاب الذي تم عرضه في كل دور السينما.. ومساهمة من الحزب الوطني في زيادة انتشار الفيلم قام بعرضه في الميادين والساحات الشعبية علي شاشات كبيرة، لكي يشاهده أكبر عدد من الجمهور بالمجان

وكل هذا كوم.. ونهاية الفيلم كوم آخر! فقد أعلن بطل الفيلم الفنان القدير فاروق حسني أنه يفكر في دراسة إنشاء لجنة دينية تابعة لوزارة الثقافة، تتولي قراءة ومراقبة وتصحيح المطبوعات الصادرة عن الوزارة وعن لجانها وهيئاتها ومؤسساتها

وأقترح علي وزير الثقافة المصري، وليس التايواني، أن يبدأ نشاط هذه اللجنة الدينية، بإصدار كتاب عن قضية الحجاب، يتم فيه تفنيد تصريحات وزير الثقافة التايواني حول الحجاب وضحدها، وبيان الأخطاء التي وردت بها.. ثم أقترح عليه إخراج فيلم طويل عن الحجاب، تخصص له ميزانية ضخمة.. بما يليق بالقضية الأولي التي تشغل بال الشعب المصري.. ألا وهي الحجاب

نهاية لا تختلف عن نهايات الأفلام المصرية، البطل يتزوج البطلة، ثم «يخلفوا صبيان وبنات».
نهاية تقليدية وركيكة، وتليق بمقام الحزب الوطني.. ونحن في انتظار الفيلم القادم عن قضية اللحية

في الممنوع 29/11/2006


لا أعرف السنة التي ولد فيها الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون البرلمانية، ولا الظروف التي ولد فيها، ولا لماذا أطلق عليه والده اسم «مفيد»!

«شهاب» هو اسم الأسرة، وهو يعني النجم الساطع، والدكتور مفيد نجم ساطع في سماء السياسة.. رجل لكل العصور.. ظهر في عهد عبدالناصر، وكان أحد رجال نظام حكمه، ولو امتد العمر بالرئيس عبدالناصر لكان للدكتور مفيد شأن آخر.

لكن قضية مراكز القوي عام ٧١ قضت علي طموحه السياسي، وكان لابد أن يتواري ويختفي ويكتفي بالعمل الجامعي، وأن يحمد الله أنه لم يتعرض للسجن كما تعرض له غيره.

إلي أن ظهر في بدايات عهد الرئيس مبارك في قضية طابا في بداية الثمانينيات، وبدأ نجمه يلمع من جديد، وتعلم الدرس، وقرر أن يظهر ولا يختفي مرة أخري.. والطريق إلي ذلك معروف.. أن ترضي السلطان عنك.. وأن تعرف الحدود التي لا يجب عليك تجاوزها.. فإذا كان مسموحاً لك بالدخول ثلاثة أمتار..
فعليك أن تتقدم مترين فقط.. تأدباً وتعقلاً واحتراماً.. وتدرج الدكتور مفيد في المناصب الرسمية مرة أخري.. ولا تكاد تعرف له موقفا في أي من هذه المناصب التي تقلدها، وما هي البصمة التي تركها عليها.. غير رغبته في الاستمرار في المنصب.

ومشكلة الدكتور مفيد هي أنه يريد أن يعطي عن نفسه صورة ليست له.. أي أنه يتصرف بطريقة.. ويريد أن يترك انطباعاً لدي الرأي العام مختلفاً تماماً عن الطريقة التي يتصرف بها.

شيء أقرب إلي الازدواج في الشخصية.. وفي الحقيقة لا يوجد ازدواج إنما هو الصراع الداخلي.. ولعبة التوازنات.. التي تجعلك تمشي علي الحبل.. أن تدلي بتصريح معين.. ثم تتراجع عنه.. أو أن تغيره علي نحو مغاير لحقيقة ما قلت.

هذا هو الدكتور مفيد.. عشرات التصريحات يدلي بها.. ثم يتراجع عنها ولا يعترف أبداً بخطأ يقع فيها.. فهو معصوم من الوقوع في الخطأ.. وهو يريد أن يرضي الحاكم.. وأن يحصل علي احترام المحكوم.. وهذا صعب.. بل من رابع المستحيلات في لعبة السياسة في مصر


حقيقة شخصية الدكتور مفيد أنه ملكي أكثر من الملك.. فإذا أراد الحاكم قانوناً يوسع من هامش الحرية ـ وهذا افتراض ـ وطلب من الدكتور مفيد أن يتولي صياغة هذا القانون..

فإنه يميل باسم الحفاظ علي حق المجتمع وأمن النظام إلي وضع القيود التي تقلل من مساحة الحرية.. ولذلك فكل قوانين الإصلاح السياسي التي ستخرج من تحت يديه.. لو قدر له أن يفرغها من مضمونها.. لفعل ذلك بلا تردد وبدم بارد.. وهو في هذا متسق تماماً مع ذاته.. حتي ولو أراد أن يظهر علي خلاف ذلك..

لو أراد الدكتور مفيد شهاب أن يحصل علي راحة البال.. لرضي بدور محامي الحكومة ومحامي النظام والمدافع عنه..

ووضع خبراته وإمكانياته في خدمته.. وله في ذلك أن يتخذ ما يشاء من مواقف وأن يدلي بما يشاء من تصريحات.. ثم ينسي أي شيء آخر. الشيء المحير بالنسبة لي هو أنني لا أزال أفكر لماذا اختار والده اسم «مفيد» له؟


في الممنوع 28/11/2006


«عاشت حرية لبنان.. واللعنة علي حرية لبنان»

انبهرت بثورة استقلال لبنان عن الاحتلال السوري في مثل هذه الأيام من العام الماضي.. وانفعلت بها.. وكتبت مؤيدا ومساندا لها، ولما يسمي بـ«مجموعة ١٤ مارس» في لبنان، التي تشكل كتلة تيار المستقبل أبرز قادتها، والتي يرأسها النائب سعد الحريري، ولولا جريمة اغتيال رفيق الحريري ما كان قد كتب لهذه الثورة أن تنجح، والفضل يرجع إلي الشعب اللبناني الحر، العاشق للحرية دوما، والذي فعلا يستحق الحياة

ثم كانت الحرب الإسرائيلية علي لبنان، وكانت المقاومة الباسلة وكان صمود الشعب اللبناني بجميع طوائفه، وبدأت مجموعة ١٤ مارس تتخبط، ويدلي قادتها بتصريحات تشعل نار الفتنة في لبنان، وكأنهم مجموعة من المراهقين السياسيين

سعد الحريري كل ما يهمه في هذا العالم هو القصاص من قتلة والده، وعقد المحكمة الدولية، وليحترق لبنان بعد ذلك

والنائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع، قائد ما يسمي بالقوات اللبنانية، لا شغل لهما سوي إطلاق التصريحات النارية واتهام سوريا بالتورط في جميع الاغتيالات التي شهدها لبنان في العام الماضي، وفي مقدمتها اغتيال الحريري، وبقية قادة ١٤ مارس هم كمالة عدد فقط، وهي تصريحات تعبر عن الحقد داخلهما

وتشكل هذه المجموعة ما يسمي بـ«الأكثرية» داخل الحكومة وداخل مجلس النواب، لكنني أزعم أنها لا تشكل الأكثرية في الشارع اللبناني، وهي تتصرف علي أنها الأكثرية، ولا تريد أن تترك مساحة أكبر ودورا أكبر لقوي المعارضة التي تتشكل من حزب الله..
إلي جانب النائب ميشيل عون قائد التيار الوطني الحر.. إلي جانب قوي أخري متحالفة معهما. والمعارضة ضد إطلاق الاتهامات جزافا، وتطالب بانتظار التحقيقات قبل اتهام سوريا أو اتهام أي طرف داخل لبنان «الرئيس لحود»، قبل الوصول إلي الحقيقة، والمعارضة تملك الشارع بمساحة أكبر، بينما قوي الأكثرية حددت الهدف وهو سوريا.. وفي لبنان إسقاط الرئيس إميل لحود.
لا الأكثرية تريد أن تقدم خطوة واحدة نحو الحل ونحو الوفاق الوطني، ولا المعارضة تريد أن تتنازل هي الأخري، فحكومة الوحدة الوطنية هي أحد أهم شروطها، بعد الانتصار الذي تري المعارضة أنها حققته بمفردها، بينما كانت الحكومة مع مجموعة ١٤ مارس تتحالفان مع السفارات الأجنبية، وألقتا بكل ثقلها في حجري السفيرين الفرنسي والأمريكي.

أي أن الطرفين متهمان بالعمالة لصالح قوي أجنبية

حزب الله والقوي المساندة له تعمل لصالح كل من سوريا وإيران، والحكومة تعمل لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتحتمي بها

حرية لا حدود لها في القول وفي إطلاق الاتهامات، حرية مخيفة، أحيانا تجعلني أشعر بأن الحرب الأهلية علي وشك الوقوع من جديد في لبنان

حرية غير مسؤولة.. بل حرية ملعونة تلك التي ستدمر لبنان وتهدد أمنه ووحدته وتلغي العيش المشترك بين اللبنانيين، لأن الأكثرية تريد إقصاء المعارضة وهي لا تستطيع.. والمعارضة تريد تغيير قواعد اللعبة لصالحها، وتطالب بمساحة أكبر من الحكم، ستتحول الأكثرية بعدها تدريجيا إلي أقلية.. وهو ما تسميه الأكثرية بالانقلاب عليها

مبهور أنا بالحرية في لبنان.. وخائف علي شعبه منها، ولبنان محكوم الآن بالأحقاد وليس بالحرية

والأحقاد لا تبني.. بل تدمر وتهدم

في الممنوع 27/11/2006


هذه بعض التعليقات حول أحداث الأسبوع

.. في حلقة أمس الأول من برنامج «القاهرة اليوم» علي شاشة قناة «أوربت»، أطلق الإعلامي المتميز عمرو أديب أحدث نكتة سياسية: شباب الإخوان هم الذين اعتدوا بالسنج والمطاوي علي طلبة الإخوان في جامعة عين شمس!
هذا ما استخلصه عمرو أديب من أقوال الدكتور علي العبد رئيس جامعة
عين شمس، الذي كان ضيفاً علي البرنامج!.. حاول عمرو أديب علي مدي أكثر من ساعة أن يعرف من الدكتور العبد حقيقة هؤلاء البلطجية، الذين اقتحموا أبواب الجامعة.. وقاموا بالاعتداء علي طلبة ما يسمي باتحاد الطلاب الحر المنتمي إلي جماعة الإخوان داخل الجامعة.. وكانت مفاجأة الحلقة أن الطلبة المعتدين هم من الإخوان!
كيف؟.. لا تسألني.. فالكذب كان واضحاً في كل كلام الدكتور علي العبد.. الذي لم يشعر المشاهد لحظة واحدة أن الذي يتحدث هو رئيس واحدة من كبري جامعات مصر.. وإنما شعر بأنه أمام أحد رجال الأمن الذي كان يحاول تبرير جريمة اقتحام حرم الجامعة

وعلي لسان الدكتور علي العبد قال إنه بقي في المستشفي الذي عولج فيه الطلبة المصابون حتي الساعة الثامنة مساء.. لكنه لم يقل لنا لماذا بقي في المستشفي حتي هذا الوقت المتأخر من الليل، هل للاطمئنان علي أرواح وحياة الطلبة المصابين أم لأسباب أخري؟

معلوماتي المؤكدة من داخل المستشفي أن الدكتور العبد كان يشرف بنفسه مع بعض رجال الأمن علي فبركة التقارير الطبية، وعدم ذكر حقيقة ما حدث فيها

ورئيس جامعة عين شمس.. موظف مغلوب علي أمره، وهذا هو الثمن الذي يجب دفعه للحفاظ علي وظيفته.. فهو ينفذ التعليمات.. الأمن طبعاً! أما الحكومة والدولة ونظام الحكم فقد تركوا ملف الجامعة للأمن.. مثل الكثير من الملفات الأخري

.. في مداخلة تليفونية من الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين مع برنامج «العاشرة مساء» علي قناة «دريم» أمس الأول.. قال، تعليقاً علي تصريحات وزير الثقافة فاروق حسني حول الحجاب: إن هذه القضية أخذت أكثر من حقها.. وأنها لم تكن تستحق كل هذه الضجة حولها

وهو كلام يستحق الإشادة، خاصة أنه صادر عن رأس جماعة الإخوان.. ولكنني استغربت قول المرشد.. من أنه فوجئ بموقف نواب الإخوان المسلمين تحت قبة البرلمان.. بمعني أنه لم يكن علي علم به.. وهو كلام سياسي.. قد يفهم منه تراجع جماعة الإخوان عن موقفهم المتشدد، والذي زايد عليهم فيه نواب الحزب الوطني.

وتفوت هذه المرة يا فضيلة المرشد؟!
.. قال الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، تعليقاً علي تصريحات فاروق حسني.. إن الوزير عمله سياسي.. ولا
يجب أن يتحدث أو يدلي بتصريحات إلا بهذه الصفة السياسية

وكلام الدكتور سرور صحيح تماماً في حالة إذا كانت الحكومة أو الدولة لهما موقف محدد في القضية التي يتحدث فيها الوزير أو المسؤول.. أما ما عدا ذلك.. فمن حق الوزير أن يتحدث فيما يشاء وكيفما يشاء.. فالصفة الرسمية له لا تلغي الصفة الشخصية.. ومن حق الوزير أو المسؤول أن يقول إن رأيي الشخصي هو كذا وكذا.. دون أن يحمل صفته الرسمية أي مسؤولية عن ذلك.. وإلا تحول الوزراء والسياسيون إلي «إمعات» بلا شخصية.. وبلا قيمة.. ولا وزن لهم.. كما هو الشأن في مصر

نحن ليس لدينا وزراء سياسيون، نحن لدينا موظفون علي درجة وزراء.. وهذا ينطبق علي رئيس مجلس الشعب أيضاً.. فلم نسمعه مرة واحدة يقول فيها إن رأيه الشخصي في قضية تعديل المادة ٧٦ من الدستور أو في أي قضية أخري هو كذا وكذا.. إنه ينفذ التعليمات.. ومهمته إصدار التشريعات التي تحولها الحكومة إلي البرلمان.. مع ضبط إيقاع البرلمان.. وهذا ليس عملاً سياسياً.. إنه عمل وظيفي.. حتي ولو كان بدرجة رئيس برلمان

في الممنوع 26/11/2006


اختتمت مقال أمس بعبارة: سأكتب لكم وصيتي غدا، والوصية عادة يكتبها من هو علي وشك الموت، أو من يريد أن يترك لأسرته قرارات معينة لا يريد الإفصاح عنها في حياته، لكن وصيتي مختلفة، فهي تتعلق بحياة سبعة ملايين مصري حسب أقل التقديرات، مصابين بالفيروس الكبدي «سي» بعضها معروف الأسباب.. والنسبة الأكبر لا تعرف له سببا، وكيف أصيبت به، وأنا واحد من هؤلاء

وحسب أقل التقديرات أيضا ـ كما يقول كبار أطباء الكبد في مصر هناك مليونا مصري من بين السبعة ملايين يحتاجون إلي عملية زرع كبد، وبحسبة بسيطة تبلغ هذه الفاتورة ثمانية مليارات جنيه، أي بما يزيد علي حجم ميزانية مصر السنوية بأكثر من عشرين مرة

كارثة بكل المقاييس.. لا الدولة ستقدر علي توفير واحد علي الألف من دفع ثمن هذه الفاتورة، ولا المواطنون أيضا، لأن ثمن أقل عملية زرع كبد يصل إلي ٤٠٠ ألف جنيه، ويرتفع إلي ٦٠٠ ألف.. وإلي مليون وأكثر إذا أجريت خارج مصر.
والكارثة الأكبر هي كيف وصل بنا الحال إلي ما هو عليه؟ كيف يصاب ٧ ملايين مصري بهذا الداء اللعين؟ وكيف نترك مليونين من بينهم يصابون بالفشل الكبدي والعدد في ازدياد؟

من المسؤول عن هذه الجريمة التي لم تكن معروفة من قبل؟ وفي أي سنوات وفي أي عهد انتشر هذا الداء الخبيث؟ وأي حكومات تتحمل هذه الجريمة؟

هل توجد غير حكومات الحزب الوطني، الذي يحدثنا كل يوم عن الإصلاح الكاذب؟

إن الإصلاح الحقيقي هو في معرفة كيفية مواجهة هذه المشكلة، وفي غيرها من المشكلات الصحية الأخري.. إن عدد المصابين بالأورام في مصر بخلاف أورام الكبد يقدرون بالملايين أيضا، وهذه قضية أخري.

إن حياة ٩٥% من هؤلاء مكتوب عليهم بالموت المحقق، لأنهم لا يتلقون العلاج، ولأن حكومات الحزب الوطني تقف عاجزة عن فعل شيء ما، ثم يا ربي يضاف إلي كل هذه الأورام.. الورم الذي ظهر منذ سنوات داخل الحزب الوطني، والذي يبث سمومه وأفكاره المريضة علينا، لأجندات خفية لا نعرف عنها شيئا

وشهادتي أو وصيتي.. هي: لا تنتظروا الإصلاح من الحزب الوطني ولا من أمانة سياساته، وعلي القوي السياسية أن تفكر في وسائل وأساليب أخري غير التي تفكر فيها، عليكم أن تفكروا في هذه الملايين التي تنتظر الموت، وأنتم غارقون في وهم الإصلاح، الذي لن يأتي بالطريقة التي تفكرون وتعملون بها، ومسؤولية المعارضة أكبر من مسؤولية الحكومة، لأن الحكومات التي أفسدت لن تصلح ما أفسدته

هذه تحتاج إلي عمليات كسح وإزالة، إذا لم نتحرك سريعا، فالنتائج ستكون وخيمة، وأمامكم الأرقام عن سوء صحة المصريين

اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد

لقد طرح الحزب الوطني حزمة من التشريعات بلغت ٤٨ تشريعا علي حد إحصاء الدكتور مفيد شهاب، لإقرارها من البرلمان في دورته المقبلة، لم يتطرق تشريع واحد منها إلي صحة المصريين، وكمثال: إن تجارة بيع الكلي والكبد في الطريق، أصبحت تجارة واسعة، ولها أسواق في العتبة وفي غيرها، تحت سمع وبصر الدولة ووزارة الصحة، وأنا أتحدث عما أعرف، ولها سماسرة كبار وصغار، ومع ذلك لا تفكر الحكومة وحزبها في سن تشريع للموافقة علي التبرع بالأعضاء، بحيث تكون هناك قائمة بأسماء المتبرعين بالمجان في المستشفيات التي تجري مثل هذه العمليات الجراحية الكبري، حتي لا يتعرض المريض لعمليات نصب، وحتي نقضي علي تلك التجارة الرائجة.هل لدي الحزب الوطني وحكومته الشجاعة للانتهاء من هذا التشريع قريبا، أم أن نواب الوطني يؤيدون شيوخ الظلام والإظلام، الذين يدعون أن التبرع حرام؟! وهؤلاء جهلة، لا يفهمون الإسلام علي حقيقته، وليست لديهم ذرة من ضمير

في الممنوع 25/11/2006


إيه الحكاية؟

اعتذرت عن عدم الكتابة للسفر إلي الخارج.. ثم تسربت أخبار عن إجراء عملية جراحية كبري لك.. وخلال ساعات كانت الاتصالات والتليفونات لا تتوقف عن الرنين في المستشفي الذي تجري فيه العملية.. من الأهل والأحباب والأصدقاء والقراء الأعزاء والزملاء

قلوب الجميع تتقطع عليك.. وأنت صامت وبارد

والحكاية أن قلبي هو الآخر كان يتقطع ولم يتحمل مزيداً من الألم وكنت بحاجة إلي أكبر قدر من الهدوء والسكينة وراحة البال.. وأرجو أن تتخيلوا حجم المعاناة.. والألم وأنا أكتب هذه السطور لكم

لن أصف حالتي لكم.. لأنني لا أحب لحظات الضعف.. وإذا خرجت بدون إرادتي.. فأنا لا أحب أن يحس بها أحد.. وما أكثر لحظات الضعف في حياتي، وكلها إنسانية

كنت ومازلت في حاجة إلي الهدوء والراحة النفسية.. ولا أنكر أنني في حاجة إلي مواصلة دعواتكم لي.
لم أتعود أبداً في حياتي - ولعلها غلطة - أن أكتب فيها عن نفسي.. ولكنني في الحقيقة أكتب عن نفسي وعن ملايين غيري.
أصل الحكاية أنني أصبت بمرض العصب السابع منذ أقل من ثلاثة شهور، وهو يأتي في الغالب من الإصابة من برد يلحف الوجه.. ودخلت المستشفي بناء علي أمر الطبيب لمدة يومين فقط لأنني تأخرت في علاجه.. وظهرت آثاره علي الوجه والعين.. والفك.. والفم

وفي مستشفي النيل بدراوي أجريت فحوصاً وتحاليل كما هي العادة وسجل أحد التحاليل رقماً مرتفعاً دفع بطبيب الكلي إلي طلب إجراء «أشعة» علي البطن. وكشفت عن وجود ورم علي الكبد

وخرجت من المستشفي بعد أن تم علاجي.. وحملت الأشعة.. إلي صديقي الطبيب علاء إبراهيم.. فأمر فوراً بإجراء أشعة مقطعية علي الكبد.. وكشفت الأشعة عن وجود ورم خبيث يصل حجمه إلي ٥،٩سم.
طيب وبعدين؟

القرار هو عملية زراعة كبد وفوراً قبل أن ينتشر المرض إلي بقية الكبد.. وفي لحظة ذهول وصمت قاسية قلت: علي بركة الله، وفتحت التليفون وتحدثت مع الدكتور الإنسان حسن صبري مدير مستشفي وادي النيل.. وفي ثوان أجاب عن كل تساؤلاتي.. ومن بكرة أنا مستنيك يا مجدي..
ودخلت في سباق مع الزمن.. قراري هو إجراء العملية في بلدي.. ولن أسافر إلي الخارج أبداً.. ووجدت في انتظاري الدكتور محمود المتيني الجراح البارع.. وتحدثنا في جميع التفاصيل وانتهينا من كل شيء في دقائق معدودة.. وبدأت رحلة البحث عن متبرع ولن أحكي لكم عن تفاصيلها.. لأنها طويلة ومملة ومرهقة وغبية كمان

وبعد هذه الرحلة الشاقة التي استغرقت حوالي ٣٠ يوماً تقريباً.. وجدت المتبرع بالصدفة من بين أكثر من ٥٠ متبرعاً.. كلهم غير صالحين لأسباب مختلفة (أغلبها لأسباب صحية)، وهذا يكشف عن مأساة أخري هي أحوال صحة المصريين في بلادي

وتحدد يوم إجراء العملية.. وقبلها بأربع وعشرين ساعة فقط ارتفعت درجة حرارتي.. وهذا يعني تأجيل موعد العملية.. إلي متي؟ إلي أن تنخفض.. متي؟ لا أحد يعرف.. ودخلت في فحوصات وأشعات مكثفة - مقطعية وذرية - علي جسدي مرة أخري..
ثم كانت الصدمة الثانية الكبري.. وهي أنني فوجئت بحضور الدكتور المتيني والدكتور إبراهيم مصطفي إلي غرفتي بالمستشفي.. والوجوم والحزن علي وجه كل منهما

قلت: خير.. قال الدكتور المتيني: لا أعرف كيف أبدأ.. ثم أكمل الدكتور إبراهيم: فضلنا أن نتحدث معك مباشرة.. وليس مع أحد غيرك

قلت: خير.. قال د.المتيني لو الأمر بيدي.. لكان قراري هو عدم إجراء العملية.. لأن احتمالات النجاح أصبحت ضعيفة

لماذا؟ لأن الأشعات كشفت عن وصول الورم الخبيث إلي الوريد البابي

وماذا يعني ذلك؟ يعني أن الورم أصبح خارج السيطرة

ثم أكمل د.المتيني.. لكنني لا أستطيع أمامكم أن أقول لك إنني لن أجري العملية.. والقرار بيدك

قلت: هل من بديل آخر؟ قال: لا

قلت: إذن علي بركة الله.. اتخذت القرار في نفس اللحظة دون تردد

وعلي هذا الأساس قرر الفريق الطبي إجراء العملية في اليوم التالي مباشرة

وسلمت أمري إلي الله.. ثم كانت المفاجأة الثالثة والمذهلة.. إن الورم لم يدخل الوريد البابي الرئيسي.. ولم يتم الكشف عن ذلك إلا أثناء العملية.. وتم التعامل طبياً مع الموقف

وارتفعت نسبة نجاح العملية بدرجة كبيرة.. والموقف تحت السيطرة كما يقولون..
تجربة قاسية وصعبة.. نعم لم أكن بحاجة إليها.. لكنها ابتلاء من الله سبحانه وتعالي.. كشفت لي عن حب الآلاف والآلاف لي.. وهو مخزون وذخيرة سوف يدفعاني إلي مواصلة العطاء.. لكي أطمع في مزيد من حبكم لي

إن الله أزال عني هذا الورم الخبيث.. وهو سبحانه قادر علي أن يزيل الورم الذي أصاب الحزب «الوطني».. والذي انتقل إلي الحكومة وإلي بقية أجهزة الدولة

لن أسميه لكم.. فأنتم تعرفون ما أتحدث عنه

غداً: أكتب لكم وصيتي

"Magical Template" designed by Blogger Buster