19.3.08

في الممنوع 25/11/2006


إيه الحكاية؟

اعتذرت عن عدم الكتابة للسفر إلي الخارج.. ثم تسربت أخبار عن إجراء عملية جراحية كبري لك.. وخلال ساعات كانت الاتصالات والتليفونات لا تتوقف عن الرنين في المستشفي الذي تجري فيه العملية.. من الأهل والأحباب والأصدقاء والقراء الأعزاء والزملاء

قلوب الجميع تتقطع عليك.. وأنت صامت وبارد

والحكاية أن قلبي هو الآخر كان يتقطع ولم يتحمل مزيداً من الألم وكنت بحاجة إلي أكبر قدر من الهدوء والسكينة وراحة البال.. وأرجو أن تتخيلوا حجم المعاناة.. والألم وأنا أكتب هذه السطور لكم

لن أصف حالتي لكم.. لأنني لا أحب لحظات الضعف.. وإذا خرجت بدون إرادتي.. فأنا لا أحب أن يحس بها أحد.. وما أكثر لحظات الضعف في حياتي، وكلها إنسانية

كنت ومازلت في حاجة إلي الهدوء والراحة النفسية.. ولا أنكر أنني في حاجة إلي مواصلة دعواتكم لي.
لم أتعود أبداً في حياتي - ولعلها غلطة - أن أكتب فيها عن نفسي.. ولكنني في الحقيقة أكتب عن نفسي وعن ملايين غيري.
أصل الحكاية أنني أصبت بمرض العصب السابع منذ أقل من ثلاثة شهور، وهو يأتي في الغالب من الإصابة من برد يلحف الوجه.. ودخلت المستشفي بناء علي أمر الطبيب لمدة يومين فقط لأنني تأخرت في علاجه.. وظهرت آثاره علي الوجه والعين.. والفك.. والفم

وفي مستشفي النيل بدراوي أجريت فحوصاً وتحاليل كما هي العادة وسجل أحد التحاليل رقماً مرتفعاً دفع بطبيب الكلي إلي طلب إجراء «أشعة» علي البطن. وكشفت عن وجود ورم علي الكبد

وخرجت من المستشفي بعد أن تم علاجي.. وحملت الأشعة.. إلي صديقي الطبيب علاء إبراهيم.. فأمر فوراً بإجراء أشعة مقطعية علي الكبد.. وكشفت الأشعة عن وجود ورم خبيث يصل حجمه إلي ٥،٩سم.
طيب وبعدين؟

القرار هو عملية زراعة كبد وفوراً قبل أن ينتشر المرض إلي بقية الكبد.. وفي لحظة ذهول وصمت قاسية قلت: علي بركة الله، وفتحت التليفون وتحدثت مع الدكتور الإنسان حسن صبري مدير مستشفي وادي النيل.. وفي ثوان أجاب عن كل تساؤلاتي.. ومن بكرة أنا مستنيك يا مجدي..
ودخلت في سباق مع الزمن.. قراري هو إجراء العملية في بلدي.. ولن أسافر إلي الخارج أبداً.. ووجدت في انتظاري الدكتور محمود المتيني الجراح البارع.. وتحدثنا في جميع التفاصيل وانتهينا من كل شيء في دقائق معدودة.. وبدأت رحلة البحث عن متبرع ولن أحكي لكم عن تفاصيلها.. لأنها طويلة ومملة ومرهقة وغبية كمان

وبعد هذه الرحلة الشاقة التي استغرقت حوالي ٣٠ يوماً تقريباً.. وجدت المتبرع بالصدفة من بين أكثر من ٥٠ متبرعاً.. كلهم غير صالحين لأسباب مختلفة (أغلبها لأسباب صحية)، وهذا يكشف عن مأساة أخري هي أحوال صحة المصريين في بلادي

وتحدد يوم إجراء العملية.. وقبلها بأربع وعشرين ساعة فقط ارتفعت درجة حرارتي.. وهذا يعني تأجيل موعد العملية.. إلي متي؟ إلي أن تنخفض.. متي؟ لا أحد يعرف.. ودخلت في فحوصات وأشعات مكثفة - مقطعية وذرية - علي جسدي مرة أخري..
ثم كانت الصدمة الثانية الكبري.. وهي أنني فوجئت بحضور الدكتور المتيني والدكتور إبراهيم مصطفي إلي غرفتي بالمستشفي.. والوجوم والحزن علي وجه كل منهما

قلت: خير.. قال الدكتور المتيني: لا أعرف كيف أبدأ.. ثم أكمل الدكتور إبراهيم: فضلنا أن نتحدث معك مباشرة.. وليس مع أحد غيرك

قلت: خير.. قال د.المتيني لو الأمر بيدي.. لكان قراري هو عدم إجراء العملية.. لأن احتمالات النجاح أصبحت ضعيفة

لماذا؟ لأن الأشعات كشفت عن وصول الورم الخبيث إلي الوريد البابي

وماذا يعني ذلك؟ يعني أن الورم أصبح خارج السيطرة

ثم أكمل د.المتيني.. لكنني لا أستطيع أمامكم أن أقول لك إنني لن أجري العملية.. والقرار بيدك

قلت: هل من بديل آخر؟ قال: لا

قلت: إذن علي بركة الله.. اتخذت القرار في نفس اللحظة دون تردد

وعلي هذا الأساس قرر الفريق الطبي إجراء العملية في اليوم التالي مباشرة

وسلمت أمري إلي الله.. ثم كانت المفاجأة الثالثة والمذهلة.. إن الورم لم يدخل الوريد البابي الرئيسي.. ولم يتم الكشف عن ذلك إلا أثناء العملية.. وتم التعامل طبياً مع الموقف

وارتفعت نسبة نجاح العملية بدرجة كبيرة.. والموقف تحت السيطرة كما يقولون..
تجربة قاسية وصعبة.. نعم لم أكن بحاجة إليها.. لكنها ابتلاء من الله سبحانه وتعالي.. كشفت لي عن حب الآلاف والآلاف لي.. وهو مخزون وذخيرة سوف يدفعاني إلي مواصلة العطاء.. لكي أطمع في مزيد من حبكم لي

إن الله أزال عني هذا الورم الخبيث.. وهو سبحانه قادر علي أن يزيل الورم الذي أصاب الحزب «الوطني».. والذي انتقل إلي الحكومة وإلي بقية أجهزة الدولة

لن أسميه لكم.. فأنتم تعرفون ما أتحدث عنه

غداً: أكتب لكم وصيتي

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster