14.3.08

في الممنوع 8/9/2006


ظهرت الشروخ والثقوب في الأيام والأسابيع والشهور الأخيرة بشكل مكثف في جسد الدولة، وفي جدرانها وأساساتها.. وهي نتاج إهمال وتسيب وفساد استمر ما يزيد علي عشرين عاما.

كل يوم تقع كارثة جديدة ونصحو علي صوت فرقعة.. في قطارات السكك الحديدية وسقوط ضحايا بين قتلي وجرحي.. وانهيار منازل تسقط هي الأخري فوق رؤوس قاطنيها.

وكل يوم نتكشف قضية تعذيب أو إهدار كرامة إنسان.. قد تنتهي بموته علي أيدي رجل شرطة بلا ضمير، كما حدث مع مدرب السباحة الذي تم إسقاطه من شرفة منزله بالمعادي، أو تلفق قضية لمواطن برئ.. كما في قضية بني مزار.

وكل يوم تكشف لنا تقارير الأجهزة الرقابية عن وقائع فساد وانحراف.. والقضايا المسكوت عنها أكبر وأبطالها من كبار المسؤولين.

وكل يوم تخسر مصر موقفا جديدا لها علي مستوي سياستها الخارجية.. حتي لم تعد قادرة علي الكلام بعد أن فقدت قدرتها علي الفعل والتأثير.

الأحداث التي تمر بها البلاد.. تجعلك تشعر بأنك أمام عمارة آيلة للسقوط، أبوابها وشبابيكها انكسرت وجدرانها أصابتها الشروخ، وأعمدتها الخرسانية تآكلت وظهر الحديد المغشوش من عمدانها، ومظهرها الخارجي لا يسر الناظرين ويدعو إلي الأسي والشفقة.

حال كهذا.. لا يجعلك تشعر بالأمن والأمان، لا علي حياتك ولا علي لقمة عيشك ولا علي كرامتك التي لا تملك الدفاع عنها.. فالرعب والخوف هما اللذان يسيطران علي سكان العمارة.. الذين أصابتهم الأمراض وتكالبت عليهم.

ومالك العمارة كلما ساءت حالتها، ازداد عنفا وبطشا مع السكان.. يعاملهم بقسوة ويستأجر الحرس والبلطجية لإخافتهم إذا ما ظهرت حركة تمرد أو غضب بين السكان.

وأصبح الشعور المسيطر علي الجميع هو أن العمارة يمكن أن تنهار في أي لحظة.. بعد أن أصبحت آيلة للسقوط، وشوية ريح أو زلزال خفيف.. سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي يمكن أن يعجل بمشهد النهاية.

الكل ينتظر لحظة الانفجار أو الانهيار، ولا يستطيع المالك ومجموعة المنتفعين من ورائه أن يفعلوا شيئا لمنع هذا الانهيار أو لإصلاح أوضاع العمارة، فالمالك مريض ويرفض الإصلاح الحقيقي ويتمسك برؤية قاصرة وساذجة للإصلاح.. وهو الوحيد الذي لا يري أن العمارة آيلة للسقوط وأن لحظة مواجهة الحقيقة اقتربت.. لأنه لا يري إلا نفسه.. ولا يشغله شيء سوي توفير الأمن والحماية لنفسه، ولا تهمه حياة السكان في شيء.. طالما أن حياته ومن معه آمنة.

ويحكي أن حرس مالك العمارة لا يتردد في انتهاك حرمة الأموات وفرض إجراءات أمنية مشددة لتأمين حياة المالك.

والعزاء.. أن من وسط هذا الركام ومن وسط الأنقاض سوف يرتفع البناء ويعلو من جديد.. ولكن بثمن كبير

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster