في الممنوع 7/12/2006
وفي كل مرة أشاهد فيها مبني مباحث أمن الدولة، أفكر فيما يقال ويتردد ويتعامل معه الكثيرون، وأنا واحد من هؤلاء، علي أنه حقيقة.. من أن الزنازين التي بداخله تستخدم في التعذيب وفي نزع الاعترافات من المتهمين وإجبارهم علي الاعتراف بجرائم، ربما لم يرتكبوها.
ولم لا.. فالتعذيب جريمة سجلتها مئات الأحكام القضائية، وتوسعت وزارة الداخلية في استخدامها في السنوات الخمس عشرة الأخيرة علي نطاق كبير.. سواء في السجون أو في بعض أقسام الشرطة أو في المبني الذي أمر عليه أكثر من مرة في الأسبوع الواحد.
تراودني هذه الأفكار، كلما مررت علي مبني مباحث أمن الدولة، وتطاردني الأسئلة: لماذا التعذيب؟ ولماذا اعتماده كسياسة أمنية ثابتة منذ منتصف التسعينيات وما قبلها، بينما تتشدق الحكومة وحزبها باحترام حقوق المواطن، وبأنها أنشأت مجلساً قومياً يحمل اسم حقوق الإنسان؟! ماذا فعل هذا المجلس في وقف هذه الجريمة أو الحد منها؟
لماذا لا تقوم النيابة بدورها في التفتيش علي السجون كما خولها القانون هذه السلطة؟ كم تلقت من بلاغات.. عشرات، مئات، آلاف البلاغات عن ارتكاب جرائم تعذيب.. في وقائع محددة، بالأسماء وبالأماكن؟ وهل قامت بالتحقيق في واحدة منها؟
ما أعظم القوانين والتشريعات التي عالجت قضية التعذيب! فقد جعل منها دستور ٧١، جريمة لا تسقط بالتقادم.. كما أن القانون أعطي النيابة والقضاء، سلطة الرقابة والتفتيش، وبالرغم من ذلك.. فالجريمة ترتكب وعلي نطاق واسع، والجهات المنوط بها هذه المهمة يبدو أنها لسبب أو لآخر.. هناك ما يمنعها من القيام بدورها.
وبعد أن تراودني هذه الأفكار، وتطاردني تلك التساؤلات.. تسيطر علي فكرة ساذجة هي: لماذا لا تفتح أبواب مبني مباحث أمن الدولة أمام الجمهور؟ ولماذا لا نعيش محترمين مثل بقية خلق الله؟ وأن من يرد أن يتأكد بنفسه أن حقوق الإنسان مصانة ومحترمة ولا تنتهك
فليتفضل بزيارة مبني مباحث أمن الدولة، فلا توجد زنازين، ولا ترتكب جريمة تعذيب واحدة، والمتهم بريء إلي أن تثبت إدانته كما تقول القاعدة القانونية.. لكنني سرعان ما أفيق من هذا الحلم، وتسيطر علي تفكيري أشياء أخري
0 comments:
Post a Comment