3.8.08

في الممنوع 7/2/2007



من مؤسسة «ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان» إحدي منظمات المجتمع المدني، تلقيت تقرير مراقب الحسابات الذي تناول ميزانية المؤسسة عن العام المالي ٢٠٠٦

قالت المؤسسة في خطابها إلي الرأي العام: في ظل تزايد الشكوك والاتهامات لمصداقية وتوجهات عمل المؤسسات المدنية، وانطلاقا من مسؤوليتها نحو المجتمع، باعتبارنا إحدي المؤسسات التي تعمل علي مكافحة الفساد، فإن الواجب يقتضينا أن نطلع الخاصة والعامة علي مصادر تمويلنا، وأوجه الصرف وتقديم كشف حساب سنوي يتضمن ما نحصل عليه وما ننفقه، ونؤكد أن ميزانية المؤسسة متاحة للجميع بمقر المؤسسة، ويمكن الحصول علي نسخة منها.
يا الله.. ما هذه العظمة! وما هذه الشفافية في العمل العام، التي كثيرا ما نسمع عنها، ولا نري لها تطبيقا في الواقع! وهل تحتذي مؤسسات المجتمع المدني حذو مؤسسة «ملتقي الحوار» وتعلن عن ميزانياتها وأوجه صرفها؟ وما مصادر التمويل الداخلي والخارجي التي تحصل عليها؟

قد يشجع هذا قيام مؤسسات الدولة بأن تعلن هي الأخري عن ميزانياتها، فلا يكفي القول إن تلك الميزانيات مدرجة ضمن الموازنة العامة للدولة، التي يتم إقرارها في مجلس الشعب، فالسادة النواب لا يناقشون شيئا، فضلا عن أن ميزانيات بعض الجهات السيادية مثل رئاسة الجمهورية والداخلية والخارجية والإعلام وجهات أخري، لا يعرف أحد عنها شيئا، وبالكثير يمكن معرفة إجمالي ميزانية كل مؤسسة دون معرفة تفاصيل كل ميزانية، وهو حق لكل مصري ولكل دافع ضرائب.
من حقه، أن يعرف كم يتحصل سيادة الوزير أو سيادة المسؤول الكبير من أموال في صورة راتب ومكافآت و«الذي منه» كل أول شهر، فالراتب الرسمي قد لا يتعدي بضعة آلاف جنيه شهريا، لكن ما يحصل عليه معالي الوزير فعليا قد يصل إلي ٣٠٠ ألف جنيه شهريا ويزيد، والفارق بين البضعة آلاف من الجنيهات وبين رقم الثلث أو النصف مليون جنيه شهريا، هو الذي يحصل عليه المسؤول في صورة مكافآت وبدلات وجهد إضافي عن حضور اجتماعات.. وشيء لزوم الشيء، علي رأي الفنان نجيب الريحاني في أحد أفلامه

هذه هي الشفافية، أن يراقب الرأي العام الميزانية العامة للدولة وأن يعرف دافع الضرائب أين تنفق أمواله

وفي الدول الديمقراطية في العالم الغربي، توضع ميزانية كل مؤسسة مهما بلغت أهميتها علي شبكة الإنترنت، ويستطيع كل مواطن ـ أمريكي أو فرنسي أو إنجليزي أو ألماني ـ أن يطلع عليها، حتي ولو كانت ميزانية وزارة الدفاع والخارجية وأجهزة الأمن والتسليح، وأن يحصل علي المعلومات التي يريدها.
يستطيع مثلا المواطن الأمريكي أن يعرف موازنة البيت الأبيض بالسنت، وأين تنفق، وما نصيب الرئيس الأمريكي منها.
هذا الحق لايزال في مجتمعاتنا بعيد المنال، بالرغم من أنه أصبح في العالم من أحد حقوق المواطنة التي نتحدث كثيرا عنها هذه الأيام.
لقد ضربت مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، أول فأس في النزاهة والشفافية، ونتمني أن تتلوها ضربات أخري، فما نحتاجه هو القدوة، وأن نطبق الشفافية ولا نكتفي بالحديث عنها.
نفي لي الدكتور المهندس محمد منير مجاهد، المهندس المقيم لمشروع المحطة النووية بالضبعة، ما نشر في «المصري اليوم» منسوبا إلي «مصادر بالمجلس الأعلي للآثار» حول إحالته للتحقيق ومحاسبته إداريا، لقيامه بالسماح لمجموعة من الأثريين بدخول موقع محطة الضبعة في ١٩/٩/٢٠٠٥، وتصويره دون إذن كتابي من وزارة الكهرباء.
وقال د. مجاهد: إن هذه المعلومات عارية تماما من الصحة ولا أصل لها، وأنه لم يتم التحقيق معه لهذا السبب، أو لأي سبب آخر منذ أن عمل في هيئة المحطات النووية في أغسطس ١٩٨٣ وحتي اليوم.
ب

في الممنوع 6/2/2007


في حلقة أمس الأول من برنامج «البيت بيتك» شدد الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون البرلمانية علي أن كل الإجراءات في القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، الذي سيكون بديلا لوقف العمل بقانون الطوارئ، ستكون خاضعة لرقابة القضاء، من أول هذه الإجراءات وحتي نهايتها، فالفيصل في النهاية هو رقابة القضاء.
وبهذه المناسبة غير الكريمة أهدي هذه الرسالة من المعتقل السياسي السيد محمود السيد صلاح

السيد/… ب

كاتب هذه الرسالة هو المعتقل السياسي، والذي تفضلتم بنشر مأساته بتاريخ ١٠/١٠/٢٠٠٦، والذي لاتزال مأساته الهزلية مستمرة وتقوم بدور البطولة فيها وزارة الداخلية، وكان آخر فصول هذه المأساة يوم ٢٣/١٢/٢٠٠٦ حيث حصلت علي الحكم القضائي رقم ١٥ بالإفراج النهائي عني،
ولكن كالعادة سحقته وزارة الداخلية ولم تعترف به، وألقت به في عرض الطريق إلي جانب ١٤ حكما سابقا، بوجوب الإفراج النهائي عني، فما هي الفائدة التي تعود علي مجتمعنا من التظلمات من قرارات الاعتقال؟

وما هي الفائدة من وجود المحاكم والقضاة؟ وما الفائدة من صدور أحكام قضائية لصالح المعتقلين؟

ما الفائدة من كل ذلك إن كانت الوزارة المسؤولة عن تنفيذ الأحكام وتطبيق القانون، لا تلقي لها بالاً، ولا ترفع بها رأسا، ولا تساوي أحكام القضاء عندها إلا التمزيق؟ فلماذا لا تعلنها الداخلية دولة بوليسية، لا كلمة فيها إلا للعصا الكهربائية، ولا صوت يعلو فوق صوت السوط؟، ولو فعلت ذلك لأحسنت صنعا حتي يكون الجميع علي بينة من أمره، فلا ينخدع باللجوء إلي القضاء، ولا بالشكوي إلي النائب العام ولوفرنا أموالا ضخمة.
أتدري، كم يتكلف حكم الإفراج عن معتقل سياسي ودون فائدة؟ لجنة تظلمات في مكتب النائب العام ومحاكم وجلسات ومستشارين وحراسة وسيارات ترحيلات لنقل المعتقلين من سجونهم لمحافظاتهم وسيارات لتأمين سيارات الترحيلات، ثم تعود بعد أيام معدودة بهم سيارات أخري من محافظاتهم إلي سجونهم التي كانوا بها قبل الإفراج الوهمي عنهم، وسيارات أخري لتأمين سيارات العودة.
هل تغلق المحاكم التي تنظر تظلمات أوامر الاعتقال أبوابها لأن أحكامها غير قابلة للتنفيذ؟، فإذا كان هذا الخلل الجسيم نعيشه في ظل أزهي عصور الديمقراطية، فأين تقيم الديكتاتوريات إذن؟ وإن كنا مع هذا «الهطل» نزعم أننا نعيش عصر سيادة القانون واحترام أحكام القضاء، فأين تعيش شريعة الغاب؟

وإليك قصة الإفراج الأخيرة عني ـ والتي بدوري أهديها إلي الدكتور مفيد شهاب وإلي المسؤولين عن برنامج «البيت بيتك»:
صدر حكم الإفراج عني يوم السبت ٢٣/١٢/٢٠٠٦ وأعلموني يوم الأحد ثم يوم الاثنين أي بعد مرور ٤٨ ساعة من صدور الحكم، أتت سيارة الترحيلات رقم ٣٧٨١٨ داخلي رقم ٢١ فحملتني من سجن الاستقبال الساعة ١١ صباحا إلي فرع أمن الدولة بالجيزة، ومكثت بالحجز حتي الساعة ١١ مساء ثم حملتني سيارة ترحيلات أخري رقم ٣٧٧١٩ داخلي رقم ٣٤ إلي فرق الأمن المركزي بطريق مصر ـ إسكندرية الصحراوي

وفي اليوم التالي الثلاثاء ٢٦/١٢/٢٠٠٦ الساعة ٣ ظهرا أعادتني سيارة أخري إلي سجن الاستقبال بطرة، أي أنني ببركة حكم المحكمة ظللت ٢٨ ساعة كاملة خارج السجن، وإن كنت محتجزا، ألست معي في أننا لا حاجة لنا بالقانون ولا بالمحاكم ولا بالأحكام القضائية

..وإلي لقاء في رسالة أخري، بعد عدم تنفيذ الحكم القادم والذي سيحمل الرقم ١٦.. وكل سنة ومصرنا في أزهي عصور الديمقراطية وسيادة القانون واحترام أحكام القضاء

انتهت رسالة المعتقل السياسي السيد محمود السيد صلاح، والتي قررت نشرها بعد أن استمعت إلي كلام الدكتور مفيد شهاب، فالعبرة ليست بالكلام ولا بالنصوص القانونية، وإنما بالتطبيق واحترام أحكام القضاء، فماذا أفادت رقابة القضاء هذا المعتقل وغيره من آلاف المعتقلين الآخرين؟، وما الذي سيفيده النص عليها مرة ثانية في قانون مكافحة الإرهاب الجديد؟

هل الأمر سيختلف بعد صدور هذا القانون عنه في ظل حالة الطوارئ المعلنة حاليا؟

هذا هو السؤال الجوهري، فالمشكلة ليست في رقابة القضاء، وإنما في حجم السلطات والصلاحيات التي سيحصل عليها وزير الداخلية في القانون الجديد.
وكفاية كلام يا دكتور كلام!
ب


في الممنوع 5/2/2007


شككت الدكتورة فائقة الرفاعي، وكيل محافظ البنك المركزي الأسبق، في صحة الأرقام التي أعلنتها حكومة الدكتور أحمد نظيف حول معدل التضخم، وقالت في حديث لـ«المصري اليوم»: إن نسبة ١٢.٤% التي أعلنتها الحكومة غير واقعية، وأن هذا الرقم الحقيقي يصل إلي ١٨% و١٩% وقد يرتفع عن ذلك.
وفي تقرير صادر عن إحدي الغرف التجارية، أشار إلي ارتفاع الأسعار في بعض السلع الأساسية من أول يناير ٢٠٠٧ بنسبة ١٠%.
ب

ارتفعت الطماطم مثلا بنسبة ٢٥% والبصل ٢٠% والدواجن الحية ١٠% وكرتونة البيض ٥% والأسماك ٦%.. إلخ.
ولكي نقدر نسبة التضخم الحقيقية، علينا أن نقارن بين سعر كيلو اللحم منذ عامين، وسعره حاليا، لكي نقيس عليه نسبة التضخم الحالية، وهذا ينطبق علي اللحم وعلي باقي السلع الأخري.
وحتي لو أخذنا بتقديرات الحكومة، فإن نسبة التضخم ارتفعت ثلاثة أضعاف في عام واحد، كانت ٤% في نهاية ٢٠٠٥ وأصبحت ١٢.٤% في نهاية ٢٠٠٦

وتتوقع الدكتورة فائقة الرفاعي، أن يستمر معدل التضخم في ازدياد خلال السنوات المقبلة، علي عكس ما تعلنه الحكومة علي لسان وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي، وعلي لسان رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، من قدرة الحكومة علي النزول بمعدل التضخم.
إن ارتفاع معدل التضخم بهذا الشكل الكبير خلال فترة قصيرة وتضاعفه، يؤكد عدم قدرة الحكومة في السيطرة علي الأسعار، ولماذا السيطرة وهي قد أعلنت أنها لن تتدخل في سياسات التسعير، وأنها تتركها لقانون السوق «العرض والطلب»؟!.
ولا بأس من أن تترك للعرض والطلب، بشرط أن تزيد الأجور بنفس النسبة الحقيقية، أي بنسبة ٢٠% علي الأقل سنويا

الأمر الثاني، هو ما أعلنته الحكومة من أن نسبة النمو وصلت إلي ٦.٩% وهو رقم مبالغ فيه، إلي جانب هذا الارتفاع الكبير في نسبة التضخم، وربما يكشف عن طريقة خاطئة في حساب معدل النمو مثل إضافة الاستثمار في قطاع البترول إلي إجمالي الاستثمار، في حين أن العرف جري علي عدم حدوث ذلك، لأن استثمارات البترول لا تشكل أصولا ثابتة ولا يمكن حسابها ضمن معدل النمو.
ولكي نعرف أو نحسب معدل النمو الحقيقي، علينا أن نعرف حجم الأموال التي دخلت إلي مصر من الخارج، ونستبعد منها الاستثمار في قطاع البترول كما أشرت، وعلينا أن نعرف أيضا حجم الأموال التي قام قطاع البنوك بضخها في مجال الاستثمار، وفي الإنفاق علي مشروعات جديدة أو التوسعات في مشاريع قائمة، لنكتشف أنها تقلصت إلي أقل حد ممكن

بما يعني أن معدل النمو الذي تعلنه الحكومة غير حقيقي هو الآخر، أو علي الأقل يتم حسابه بطريقة خاطئة وخادعة، حتي يظهر المعدل في صورته الحالية ٦.٩%، وحتي تنخدع القيادة السياسية بأن الحكومة أنجزت ما لم تستطع الحكومات السابقة إنجازه، وأنها «جابت الديب من ديله»، مع أن الديب ليس له «ديل»، كما أخبرنا الفنان الراحل فؤاد المهندس. ب

في الممنوع 3/2/2007



في الغرب وتحديدا في العواصم لندن وباريس وواشنطن لا يشغلون أنفسهم بحدوتة التعديلات الدستورية الجارية حاليا في مصر.. والتي فتر الحديث عنها بعد أن تأكدت القيادة السياسية وقيادات الحزب الوطني أنها لا تشغل بال أحد.. لا في الداخل ولا في الخارج.

وتنشغل عواصم الغرب من خلال ما يطرح في وسائل الإعلام، وبالتالي في دوائر صنع القرار فيها ـ بطرح تساؤلات أخري.. هي نفسها التي تشغلنا ونطرحها علي أنفسنا.

هل من الممكن وصول تيار الإسلام السياسي إلي حكم البلاد؟ ومتي يتمكن من ذلك؟ وهل هذا التيار تغلغل داخل مؤسسات الدولة السيادية.. كما تغلغل في هيئات المجتمع المدني من نقابات وجامعات واتحادات عمال وغيرها.

وماذا عن ارتفاع نسبة التضخم في البلاد؟ وارتفاع الأسعار بشكل جنوني في الشهور الأخيرة فقط.. فقد زادت نسبة التضخم منذ نهاية عام ٢٠٠٥ وحتي نهاية عام ٢٠٠٦ ـ أي خلال عام واحد ـ من ٤% إلي ٩.١١% والفقراء ـ الغالبية العظمي من أفراد الشعب ـ هم الذين يدفعون فاتورة التضخم.

وهل يمكن أن يقود هذا إلي التذمر وإلي حدوث اضطرابات في البلاد؟

ما هو البديل لنظام الحكم الحالي؟ هل هو التيار الإسلامي من خلال انقضاضه علي الحكم بطريقة غير شرعية.. أو من خلال صناديق الانتخابات.. ثم ينقلب علي الديمقراطية ويحكم البلاد بطريقة ديمقراطية.. لا تختلف عن الطريقة التي يحكم بها الحزب الوطني.. وربما أسوأ.
هل يمكن أن تتكرر تجربة إيران أو الجزائر في مصر؟ هل البديل الآخر هو جمال مبارك؟ وهل أمامه فرصة لحكم مصر بعد والده؟ وما موقف مؤسسات الدولة وتحديدا المؤسسة العسكرية من الإخوان المسلمين ومن جمال مبارك؟

هل هناك فرصة لأن تحكم مصر حكما مدنيا خالصا؟ أم أن المؤسسة العسكرية ستكون لها الكلمة الفصل في ذلك؟

وكما أننا في مصر ليست لدينا إجابات عن الكثير من هذه التساؤلات.. فهم أيضا في عواصم الغرب الكبري التي لها مصالح مع مصر يطرحون نفس التساؤلات ولم يصلوا إلي إجابات عنها

ما معني كل ذلك؟ معناه أن الإصلاحات الدستورية المطروحة حاليا.. لاتقدم الحل للخلاص ولا تفتح طريقا إلي المستقبل.. ولا تجيب عن التساؤلات المطروحة في الداخل وفي الخارج

.. سألني قارئ: ماذا قصدت بثقافة الكراكيب؟ قلت: هي ثقافة «الفقر» في المادة وفي الأفكار وفي الأخلاق وفي الضمير.
وسألني قارئ آخر: لماذا أنت ضد التعديلات الدستورية المطروحة حاليا؟ قلت: لأنني أعرف النتائج وأعرف ما الذي ستسفر عنه تلك التعديلات، قال: وكيف عرفت ذلك؟ قلت: تكفي مشاركة الدكتور مفيد شهاب في وضعها لكي تعرف ما الذي ستسفر عنه.. فهي لن تنتهي إلي شيء «مفيد» أبداً

.. في مقال سابق قلت إن حكومة نوري المالكي في العراق لن تسمح لأمريكا بضرب إيران عبر أراضيها ولن تتورط في عمل مثل هذا.. فلماذا نحن في مصر وفي دول الخليج تعجلنا بضرب إيران.. بموافقتنا المتسرعة علي خطة بوش في العراق.. التي تقول إن إيران وراء ما يحدث في العراق من مجازر واضطرابات.. ويجب تأديبها وضربها.

وما يحدث في العراق سببه الأساسي هو الاحتلال الأمريكي. ب


في الممنوع 2/2/2007



الناس تحصل علي الأحكام القضائية ولا تستطيع تنفيذها.. وتكتفي ببروزتها وتعليقها علي الحائط.

هذا التصريح صدر علي لسان وزير العدل المستشار ممدوح مرعي أمام اللجنة التشريعية بمجلس الشعب، وخطورته في أنه جاء علي لسان وزير العدل، وأنه قاله أمام نواب الشعب، وخطورته في أن الناس ستفقد الثقة في القضاء وفي حصولهم علي حقوقهم، وقد يدفعهم هذا إلي التفكير في الحصول عليها بالقوة وبعيدا عن سلطات الدولة

وما لم تشكل هذه ظاهرة كبيرة الحجم، ما كان وزير العدل قد اعترف بها علنا، وأعلن عن تشكيل هيئة مستقلة داخل الوزارة، مهمتها متابعة تنفيذ الأحكام

ومهمة التنفيذ لن تكون مسؤولية هذه الهيئة، فكل ما ستفعله هو المتابعة وحصر الأحكام التي لم تنفذ وكتابة تقارير عنها، ثم رفعها إلي وزارة الداخلية المسؤولة قانونا عن تنفيذ الأحكام

المشكلة معقدة ومركبة، ولا تنحصر فقط في مدي كفاءة إدارة تنفيذ الأحكام التابعة لوزارة الداخلية في عملها من عدمه، إنها أكبر من ذلك بكثير، فكل عام يتم رفع عشرات الملايين من القضايا في نزاعات بين الأفراد وبعضهم، أو بين الأفراد وأجهزة الحكومة، أو بين أجهزة الدولة وبعضها ، وأكثر من نصف هذه القضايا ما كان لها أن تصل إلي المحاكم، لو أن هناك قوانين ولوائح واضحة تعطي الحقوق لصاحب الحق، وتفصل في النزاعات دون اجتهادات وتعقيدات.
إننا دائماً نقول إن القضاء هو الحصن الأخير أمام الناس لحصولهم علي حقوقهم.. لكن يبدو ـ وباعتراف وزير العدل ـ أن هذا الحصن لم يعد منيعاً، وأن الأحكام التي يصدرها لا تنفذ.. وأخطر نتائج ذلك هو فقدان الثقة في هذا الحصن وفي حراسه.. والقضية كبيرة وأكبر من قدرة وزير العدل علي حلها

....

وفي أكثر من عدد، نشرت صحيفة «العربي» الناصري أن أجهزة أمن مصرية قامت بتدريب عناصر من تيار المستقبل.. وقد علقت علي الأمر عدة مرات، وطرحت العديد من التساؤلات حول مدي صحة هذه المعلومات الخطيرة.. التي لو صحت لكان معناها أن مصر متورطة فيما يجري من أحداث في لبنان وأنها غير محايدة ومنحازة إلي طرف ضد طرف آخر، لكنني للأسف لم أتلق إجابة عن تساؤلاتي.. ولم تهتم الحكومة وأجهزتها بالرد علي ما نشرته صحيفة «العربي» مع أنه خطير ويسيء إلي سمعتها.
ومرة أخري أعيد طرح التساؤلات حول صحة هذه المعلومات.. وأرجو هذه المرة ألا تغلق الحكومة عينيها وتسد أذنيها.. حتي لا تتعامل الصحافة ويتعامل الرأي العام

علي أن هذه المعلومات حقيقة مؤكدة، وأن مصر متورطة بالفعل.. وأنا شخصياً لا أميل إلي تصديق ذلك.. لكنني في نفس الوقت لا أستطيع تجاهل هذه المعلومات، ويجب التعامل معها علي أعلي قدر من الحساسية والفهم والمسؤولية.. وليس بالصمت والتجاهل وسياسة «الطناش» التي لا تصلح في كل وقت، ومع كل قضية .
والسؤال موجه إلي كل من يهمه سمعة مصر.. فهل من إجابة؟


في الممنوع 1/2/2007



كما أننا نعيش ثقافة الزحام وثقافة الضوضاء، فإننا نعيش أيضا ثقافة الكراكيب.

وتعبير «الكراكيب» سمعته من الدكتور حسن صبري مدير مستشفي وادي النيل، وهو تعبير بليغ ويفسر الكثير من تصرفاتنا

والكراكيب تشمل أشياء عديدة إن لم تكن كل الأشياء في حياتنا، تعودنا عليها منذ الصغر مارسناها وشاهدناها في حياتنا في البيت، وفي المدرسة، وفي العمل، وفي كل مكان نذهب إليه ونتواجد فيه.. عام أو خاص.
من بين هذه الكراكيب مثلا، احتفاظنا بأوراق قديمة لا قيمة لها، أو تمسكنا بعدم التخلص من بعض المنقولات في المنزل، لسنا في حاجة إليها لكنها العادة التي تحولت إلي ثقافة الكراكيب.
نفضل الاحتفاظ بالأشياء التي لم تعد تمثل قيمة لنا، حتي ولو تسببت في إزعاج لنا أو في تشويه المكان الذي نعمل أو نعيش فيه، وغالبا نبقي علي هذه الأشياء بالشهور والسنوات دون أن نفحصها لكي نعرف هل لها قيمة في حياتنا أم لا، فنحن لم نعود أنفسنا علي التفكير وطرح السؤال حول لماذا نحتفظ بهذه الأشياء؟

وثقافة الكراكيب ليست مقصورة علي فئة من المجتمع أو علي مهن معينة أو علي مستوي اجتماعي معين، فنحن جميعا شركاء ومتساوون في ثقافة الكراكيب، وكأنها أصبحت بالنسبة للمصريين إحدي سمات ـ أو حقوق ـ المواطنة، لا فرق بين مسلم ومسيحي، أو غني وفقير، أو متعلم وحاصل علي أعلي الشهادات العلمية وجاهل، أو وزير وغفير، لقد أصبحت هذه الثقافة جزءا مهما في حياتنا، لا نستغني عنها ولا تستغني عنا.
لا اختلاف بينها وبين ثقافة الزحام وثقافة الضوضاء، وغيرها من الثقافات التي أصبحنا نتعايش معها، فقد أصبحت أسلوب حياة وأسلوبا في التفكير، عندما نصاب مثلا بمرض معين لا نفكر في الذهاب إلي الطبيب فورا أو إلي المستشفي للعلاج ومعرفة المرض في بداياته لمحاصرته وسهولة علاجه والتخلص منه، ليس لأننا فقراء ولا نملك ثمن العلاج ـ مع أن هذه حقيقة ـ ولكن لأن ثقافتنا مع المرض تقول: لا تذهب إلي الطبيب إلا بعد أن يتمكن المرض منك ويصبح في نهاية مراحله، بعد أن يكون قد دمر جسدنا، ولم يعد يفلح معه العلاج

أغلبنا لم يتعلم كيف يتخلص من الأشياء غير المهمة في حياته، وكيف نراجع أنفسنا كل فترة للتخلص من الأشياء العالقة أو تلك التي تقلقنا وتزعجنا وتسبب لنا ضيقا نفسيا وتشكل ضغطا علي أعصابنا

الأصدقاء أو الأصحاب مثلا الذين يزعجوننا لا نفكر في إسقاطهم من حياتنا ومن حساباتنا، بل نبقي عليهم وعلي علاقاتنا بهم، مع أننا نعرف وندرك تماما أنهم ليسوا مصدر سعادة لنا.

لم نفكر في التخلص من هؤلاء، ونبقي فقط علي الصداقات الجميلة التي تضيف إلي رصيدنا سعادة وحبا

فلو تصورنا أن بداخلنا مجموعة من الأدراج، وكل فترة تمتلئ هذه الأدراج عن آخرها، ولم نقم بتصريفها فما الذي سيحدث؟ الطبيعي أنها ستشكل عبئا نفسيا وجسديا علينا وستعوق قدرتنا علي الحركة وعلي التفكير

وللأسف فإن ثقافة الكراكيب ليست مقصورة علي الأفراد، فهي انتقلت إلي الحكومات وإلي أجهزة ومؤسسات الدولة، أو انتقلت منها إلينا.
الحكومات مثلا تعتمد في أسلوبها في حل المشاكل علي المسكنات ولا تواجه تلك المشاكل فتكون النتيجة بقاء المشاكل دون حل حقيقي، بل تتفاقم وتزداد.
والبرلمان كذلك، يصدر التشريعات التي تتناقض مع تشريعات سابقة أصدرها، فتكون النتيجة غابة من التشريعات، لا يستطيع القضاء من خلالها أن يحكم بالعدل.
ثقافة الكراكيب، مسؤولة عن حالة التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي علي مدي سنوات عمرنا، يضاف إليها الفساد والجمود الفكري وسياسات الحزب الوطني، فتكون المحصلة ما نحن عليه اليوم، والبداية هي أن ننفض «الكراكيب» من حياتنا ونتخلص منها أولا بأول، وأولها كل من التصق في الكرسي ولا يريد الانفصال عنه. ب


"Magical Template" designed by Blogger Buster