15.3.08

في الممنوع 11/9/2006


المحاولات التي تبذل حاليا لتطويق الأزمة التي مرت بها الصحافة المصرية في أعقاب «وصلة الردح» التي ظهرت في برنامج «القاهرة اليوم» علي شاشة قناة «أوربت» لن يكتب لها النجاح، إلا إذا تخلي كل فريق عن تسجيل النقاط والأهداف علي الفريق الآخر.. وتوقف عن توجيه الاتهامات له، وأن نبعد شخص رئيس الجمهورية عن هذا الملف الشائك، وألا نقحمه فيه، وأن نفرغ الأزمة من جانبها السياسي، وأن نقصرها فقط علي الجانب المهني والأخلاقي، وفي ذلك لا تخشي نقابة الصحفيين من لغة التهديد والوعيد وسياسة الإملاءات ووضع جدول أعمال مسبق، وأن يبعد مجلس النقابة الحسابات السياسية عند تصديه للأزمة.
هذه المحاولات سيكتب لها النجاح عندما يعترف كل فريق من الصحفيين بسلبياته وتجاوزاته في حق الآخرين، فليس صحيحا ـ كما يقول البعض ـ أن كل ممارسات صحافة الدولة تتسم بالنقاء والالتزام المهني والأخلاقي، وكذلك العكس، فالصحافة المستقلة والحزبية مليئة هي الأخري بالتجاوزات

ويكفي أن أشير لبيان مقدار وحجم الأزمة التي نحن بصددها إلي حوار دار بين أحد الوزراء السياديين وبين إحدي الشخصيات المعروفة حول أداء إحدي الصحف القومية الجديدة، وكيف يا معالي الوزير تسمحون في حكومتكم وفي حزبكم الوطني وفي لجنة سياساتكم بما ينشر بها في حق المواطنين.. فكان رد الوزير: أعضاء الحكومة والحزب ولجنة السياسات يهاجمون بلا رحمة ويتعرضون للسب والقذف من بعض الصحف.. فلماذا لا نقوم بالرد عليهم بنفس الأسلوب في هذه الصحيفة القومية؟

هذا هو مستوي التفكير الذي وصلنا إليه.. وهذه هي الأزمة الحقيقية.. وليست القشور أو العارض الذي ظهر علي شاشة قناة «أوربت».
عندما يعترف كل طرف من أطراف الأزمة بتقصيره وتجاوزاته، هنا فقط يمكن أن يدور حوار ونقاش، ويمكن وضع تصور والتوصل إلي ضوابط ومعايير محددة توصلنا إلي نتائج.. أما سياسة أنصاف الحلول.. فلن توصلنا إلي شيء.. وسوف تؤدي إلي مزيد من الفرقة والانقسام والتشرذم في الجسد الصحفي.. والمستفيد من ذلك أعداء حرية الصحافة.. وإذا حدثت انتكاسة أكبر فلن أندهش.. لأن الانهيار ليس في جسد الصحافة فقط، إنما هو في جسد الدولة كله.. فلماذا الدهشة والاستغراب مما يحدث ويجري من أحداث مؤسفة؟

أمس الأول، تلقيت العديد من مكالمات القراء تسألني: ماذا كان رد رئاسة الجمهورية أو أي جهة أخري علي ما كتبته حول قيام أجهزة أمن الرئاسة بالكشف علي جثمان الأديب الراحل نجيب محفوظ عقب الوفاة مباشرة.. للتعرف علي وجود متفجرات بداخلها من عدمه.. وذلك لتأمين موكب الرئيس حسني مبارك في الجنازة العسكرية التي أقيمت للأديب الراحل أمام جامع آل رشدان بمدينة نصر.
وكان ردي: لم أتلق أي رد، ولم تصلني أي إجابة.. ولم تخبرني «المصري اليوم» بأي اتصالات أجريت معها. وكانت الدهشة والاستغراب هما رد فعل كل من اتصل بي

إن تجاهل الرد علي ما نشر.. ربما يعني أحد احتمالين:
الأول: إن الجهات المعنية بالرد تعرف أن ما نشر صحيح، وبالتالي فما هو المبرر الذي ستقوله في ردها؟

هل ستقول إن موكب رئيس الجمهورية أهم من مراعاة حرمة الموتي.. حتي ولو كانوا في قيمة ومكانة نجيب محفوظ؟

الاحتمال الثاني: تجاهل النشر تماما، وهي السياسة التي درج عليها الحكم في مصر.. بدعوي أن الناس سرعان ما ستنسي.. وأنا أرجح الاحتمالين معا، لكنني لا أعتقد أن واقعة مثل هذه يمكن نسيانها، وهذا جزء من الانهيار الأخلاقي الذي تعيشه الصحافة والذي يبدو لي أنه من المستحيل علاجه بشكل سليم بعيدا عن مناقشة الانهيار الأخلاقي والسياسي والاجتماعي الذي تعيشه مصر وتعاني منه منذ سنوات

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster