18.3.08

في الممنوع 22/10/2006


في المجلس القومي لحقوق الإنسان وخارجه، يدور جدل واسع حول المادة ٧٧ من الدستور، التي تعطي لرئيس الجمهورية الحق في أن يبقي في منصبه مددا أخري، أي مدي الحياة.

البعض يطالب بتعديلها.. بالاكتفاء بمدتين فقط، والبعض الآخر من الحزب الحاكم أو من المحسوبين علي الحكومة يطالبون بالإبقاء عليها كما هي، وحجة الفريق الأخير في الإبقاء عليها دون تعديل هي أن نص المادة ٧٧ بوضعه الحالي ليس بدعة، وأن بعض الدول العريقة في الديمقراطية ومنها فرنسا، لا تقيد المدة التي يبقي فيها الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه، فيجوز له أن يبقي فترة واحدة أو فترتين أو ثلاث فترات أو أكثر، وأن الأمر متوقف علي رغبة وإرادة الناخب الفرنسي، وإن كان لم يحدث أبدا أن انتخب الشعب الفرنسي رئيسا لأكثر من فترتين رئاسيتين.

وفي استفتاء أجري منذ أيام علي الرأي العام الفرنسي، أظهر استطلاع للرأي أن غالبية الفرنسيين يعارضون التجديد للرئيس جاك شيراك لفترة ثالثة، وقالوا: إن بقاءه في الحكم ١٢ عاما هي فترة كافية جدا، ولا نحب أن يتم التجديد له أو أن نعيد انتخابه رئيسا لفرنسا إذا ما فكر في ترشيح نفسه، بالرغم من حبنا الشديد له، وبالرغم من المكانة العالية التي وضع فرنسا فيها في سنوات حكمه.

يكشف هذا الاستطلاع عن وعي الشعب الفرنسي بأن الديمقراطية دون تداول السلطة ـ كما هو حادث في مصر ـ هي مجرد لغو وهبل واستهبال وبلطجة، وأن التجديد لشيراك لفترة ثالثة.. هو تعطيل لأهم مبدأ ديمقراطي وهو تداول السلطة بين الأحزاب والقوي السياسية، وأن الشعب الفرنسي لا يرضي بأن يحكمه رئيس لأكثر من ١٢ عاما مهما بلغت عظمة ومكانة هذا الرئيس تاريخيا أو غير تاريخي

ولابد أن نعترف بأن هذه الدرجة العالية من الوعي لدي الشعب الفرنسي غير قائمة وغير موجودة في مصر، فالرئيس في مصر قد يرغب في الاستمرار في السلطة مدي الحياة، لا يفرقه عن كرسي الرئاسة سوي العناية الإلهية، والشعب ليس له رأي، ولا يفرق معه أن يبقي أو يرحل، فرئيس رايح ورئيس جاي.

ولكي نصل إلي درجة وعي الشعب الفرنسي، فنحن نحتاج إلي سنوات طويلة من الممارسة الديمقراطية وإلي وضع معايير وقواعد تضمن لنا عملية تداول السلطة، ليس فقط من خلال صندوق الانتخاب، وإنما أيضا من خلال تحديد الفترة التي يبقي عليها الرئيس في السلطة، فلا يجوز له مثلا أن يبقي في منصبه لأكثر من فترتين رئاسيتين مدتهما ١٠ أو ١٢ سنة.

ثم بعد ٣٠ أو ٥٠ سنة نكون خلالها قد وصلنا إلي الدرجة المطلوبة من الوعي، يمكننا التفكير في ترك الترشيح علي منصب الرئيس مدي الحياة لأنه عمليا لن يبقي أي رئيس مصري في السلطة أكثر من فترتين فقط.
إننا عندما نصل إلي نصف أو حتي الديمقراطية في فرنسا لن يكون هناك معارض واحد في مصر لتعديل المادة ٧٧ من الدستور بوضعها الحالي، ولكن متي نصل إلي هذا الوضع؟

وللأسف فالذين يطالبون اليوم بالإبقاء علي تلك المادة دون تعديل يعرفون هذه الحقائق، ويهدفون إلي بقاء الحزب الحاكم جاثما علي صدور المصريين إلي الأبد، وبقاء منصب رئيس الجمهورية في أيديهم أو محشورا في أمانة السياسات، وهؤلاء يفكرون في مصالحهم ويدافعون عنها، وهذه في رأيي جريمة خيانة عظمي

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster