8.4.08

في الممنوع 19/1/2007


قبل أقل من ١٠٠ يوم علي إجراء انتخابات الرئاسة الفرنسية تقدم الرئيس جاك شيراك بتعديل دستوري إلي الجمعية الوطنية «البرلمان»، يقضي بحق البرلمان في عزل رئيس الجمهورية من منصبه بنسبة الثلثين تقريباً.

ومن المتوقع أن يوافق أعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية علي التعديل الدستوري أواخر الشهر المقبل.. الذي يلقي معارضة من الحزب الحاكم في فرنسا، وهو بالمناسبة ليس الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس شيراك، فالرئيس جاك شيراك ينتمي إلي الحزب الاشتراكي المعارض.

وهذه هي عظمة الديمقراطية في فرنسا، إن حزب رئيس الجمهورية لا يشترط أن يكون هو الحزب الحاكم، وأن الانتخابات قد تأتي برئيس للجمهورية من صفوف أحزاب المعارضة، وليس شرطاً أن يكون حزب الرئيس هو حزب الأغلبية الذي يشكل الحكومة، ويسيطر علي البرلمان، وتتمحور حوله الحياة السياسية، وتدين له أجهزة الدولة بالولاء

، ولذلك لا مشكلة في إطلاق الفترة التي يبقي فيها الشخص رئيساً للجمهورية، لأن الشعب الفرنسي يعرف كيف يختار، وتداول السلطة لا يستطيع شخص أو أجهزة الدولة كلها أن تعطلها أو تمنعها، وتزوير الانتخابات جريمة لا يفكر مسؤول في ارتكابها، لأنها كافية للقضاء علي مستقبله السياسي والذهاب به إلي السجن

فضلاً عن أن الثقافة الديمقراطية الفرنسية لا تعرفها، فإذا كنا نحن في مصر نشكك في نوايا تعديل المادة ٨٨ من الدستور المتعلقة بالإشراف القضائي علي الانتخابات، للميراث الطويل من التزوير والتلاعب في الصناديق، وفي نتائج الانتخابات، فإن فرنسا لا تعرف هذه الجريمة، والتزوير كلمة لا وجود لها في القاموس السياسي الفرنسي، ولا مشكلة عندهم من أن يشرف علي الانتخابات القضاة أو أي مواطن فرنسي.

ومع ذلك فهذه قضية أخري، والمسألة الجديرة بالملاحظة هي أن التعديل الذي يريد الرئيس الفرنسي شيراك إدخاله علي الدستور، لوضع آلية لمحاسبة ومساءلة رئيس الجمهورية، يعطي للبرلمان سلطة عزل الرئيس، في حين أن التعديلات الدستورية التي تقدم بها الرئيس حسني مبارك إلي مجلسي الشعب والشوري لم تقلص من سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية، كما يقال ويشاع كذباً..

فالسلطات والصلاحيات كما هي، لأن رئيس الجمهورية هو الذي يعين رئيس الوزراء، وكلنا نشاهد في التليفزيون صورة رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف أو أي رئيس وزراء سابق إلي جانب الرئيس مبارك، ولا كلمة ولا حركة ولا نفس، إلا إذا سمح له الرئيس بالكلام، وهذا الوضع لن تغير التعديلات الدستورية المقترحة منه شيئاً، بل سيبقي علي حاله إلي أن نقدم علي تعديلات دستورية حقيقية، تحقق الديمقراطية بمعناها الحقيقي.. وهو تداول السلطة.

هذا هو الفارق بين الديمقراطية في فرنسا، والديمقراطية في مصر، وبين تعديلاتنا وتعديلاتهم، فلا يتحدث أحد بعد ذلك عن أن الدستور الفرنسي يسمح بأكثر من فترتين لرئيس الجمهورية في السلطة.

فرنسا شيء، ونحن شيء آخر، وعقبال عندنا لما البرلمان المصري يملك سلطة عزل رئيس الجمهورية.. قولوا يارب بعد ٩٠ سنة! ب

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster