في الممنوع 8/2/2006
إذا تصورت أن محمد حسن.. الطفل الذي نجا من الموت.. من العبارة «السلام ٩٨»، التي غرقت في البحر الأحمر.. ومات الأب والأم وأخته رحمة وأخوه عبدالله.. جلس وكتب هذه الرسالة إلي الرئيس حسني مبارك.. فماذا يقول فيها؟
أبي حسني..
لن أشرح لك ماذا حدث، فعقلي الصغير لا يدرك حقيقة ما حدث.. ولا خلفياته لأن سني صغيرة ولم أبلغ السادسة بعد.
كل ما شاهدته هو خروج دخان أسود من المركب.. أعقبه تكسير للزجاج.. ثم سقوط الناس في البحر.. وكان من بينهم أبي وأمي.
لقد رأيت أبي وأمي يسقطان في البحر.. ونظرت إليهما.. نزلا إلي أسفل وما طلعوش.. ولا أعرف ما الذي دار حولي بعد ذلك.. ولا أذكر شيئاً عن قصة الموت التي نجوت منها بأعجوبة.
لقد أراد الله لي النجاة بعد أن مات الجميع من أفراد أسرتي.. أبي وأمي وأختي رحمة وأخي عبدالله.
وأسمع من حولي الآن يقولون.. إن المدة التي قضيتها في البحر حتي تم إنقاذي هي ٢٦ ساعة.. لا أدرك كيف مرت بي.. هل هي ساعات أم أيام أم سنوات.. ولا أعرف من الذي انتشلني.. ولا أملك إجابة سؤال واحد من آلاف الأسئلة التي أسمعها وتدور حولي.. وستظل تطاردني طوال حياتي.
أبي حسني..
أبي مات وأمي معه وكل أفراد أسرتي.. هذه هي الحقيقة الوحيدة الثابتة التي يدركها عقلي الصغير.. ولا يهمني كل ما يقوله رجالك أو أفراد حكومتك عن المركب وعن سلامته وعن التعويضات وعن عشرات من برقيات العزاء.. ولا أفكر في المستقبل الذي ينتظرني.
كل ذلك لن يعيد لي أبي وأمي وأختي رحمة وأخي عبدالله.. إنني أريد منك شيئاً واحداً هو معرفة اسم القاتل الذي تسبب في موت كل أفراد أسرتي.. وهذا القاتل قد يشمل بعضاً من أفراد طاقم المركب أو مالكه أو من يتستر عليه.. لكن أبداً لن أقبل أن يلقي الاتهام علي القضاء والقدر.. ولن أقبل منك أو من سلطة التحقيقات أن تحمل القضاء والقدر المسؤولية عما جري.
القضاء والقدر بريء مما حدث.. وبريء من دم هؤلاء الضحايا.. وبريء من دم أبي وأمي ورحمة وعبدالله.
أبي حسني..
إنني لا أطلب منك الكثير.. ولا أكلفك ما هو فوق طاقتك.. إنني أطالب بحقي وبحق كل الأبرياء والشهداء الذين سقطوا في البحر.. أطالبك بالعدل الذي ستحاسب عليه كمسؤول أمام الله.
أستحلفك بالله وبحفيدك الذي أعرف كم تحبه أن تقتص لي من هؤلاء القتلة، إنني تقريباً من عمر حفيدك.. وتصور لا قدر الله أن ما حدث معي.. حدث له.. فماذا يكون شعورك؟
والسلام علي من اتبع الهدي.
حفيدك .. محمد حسن
0 comments:
Post a Comment