11.3.08

في الممنوع 12/7/2006

لا أريد أن أبدو كئيباً وأفسد علي الصحفيين فرحتهم.. وبالأخص النقيب جلال عارف الذي تسرَّع وبادر بإرسال برقية إلي الرئيس حسني مبارك، أعرب له فيها عن شكره لموقفه الذي انتصر فيه لحرية الرأي والتعبير والصحافة

فالذي وافق عليه الرئيس مبارك هو إلغاء الحبس في الجريمة المستحدثة، وهي التعرض للذمة المالية، لكن تم رفع الغرامة المالية إلي ١٥ ألف جنيه كحد أدني و٤٠ ألف جنيه بحد أقصي علي حسب ما نشر في «الأهرام».
والمطلوب في هذه المادة لم يكن إلغاء الحبس، إنما إلغاء هذه المادة الغريبة والشاذة والتي استحدثت ولم تكن موجودة من قبل

إن الانحياز لحرية الصحافة والانتصار لها من جانب الرئيس مبارك هو في إلغاء هذه المادة كلها، وليس في إلغاء الحبس فيها، إذ علي الصحفي أن يفكر قبل التعرض للذمة المالية لأي مسؤول، أن يقوم بتوفير مبلغ الغرامة المالية الكبير، وإذا عجز عن توفيره فمن الأفضل له أن يقصف قلمه وألا يكتب حرفاً واحداً، وأن يتستر علي هذا الفاسد الذي كان سيتعرض لذمته المالية.. لأنه إذا تعرض لها وعجز عن دفع الغرامة، فإن مصير الصحفي هو الحبس

أي أن السجن سوف يطارد الصحفي في جميع الأحوال.. فأين الانتصار لحرية الرأي والتعبير والصحافة؟

إن الصحافة قبل مناقشة مواد هذا القانون انشغلت وانشغل معها الرأي العام بالاتهامات التي وجهها النائب طلعت السادات، إلي النائب أحمد عز، والذي اتهمه بالتربح في البورصة والتلاعب فيها، وفي شراء وبيع أراضي الدولة والتربح فيها، وفي احتكار صناعة الحديد في مصر، وفي تضخم ثروته من امتلاك أسرته محل خردة صغيراً إلي امتلاكه ٤٠ ألف مليون جنيه خلال سنوات محدودة

والنائب تحت قبة البرلمان يستطيع أن يقول ما يشاء، فهو يتمتع بالحصانة، ولكن إذا قامت الصحف بنشر تلك الاتهامات كما حدث بالفعل في حالة النائب أحمد عز، وطرحت التساؤلات حول ذمته المالية وتساءلت من أين له هذا؟ وهل صحيح أن ثروته تضخمت بصورة مشروعة أم لا؟ وهل هي تقدر بـ٤٠ ألف مليون جنيه أم لا؟

أعتقد أنها تساؤلات مشروعة، ومن حق الصحافة أن تطرحها وتفجرها، لأننا بصدد شخص غير عادي، فهو نائب في البرلمان وأمين التنظيم في الحزب الحاكم ورئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب وأحد كبار رجال الأعمال في مصر، ويسيطر علي إنتاج ٦٧% من صناعة الحديد في مصر، ثم هو الشخصية المقربة إلي نجل الرئيس

هل إذا طرحت الصحافة هذه التساؤلات حول الذمة المالية للنائب أحمد عز قبل إقرار مشروع القانون الأخير، فلا مسؤولية ولا عقوبة عليها، أما إذا طرحتها بعد إقرار المشروع وموافقة البرلمان عليه، فقد يتعرض الصحفي إلي دفع الغرامة المالية الكبيرة، لأنه شكك في ذمة أحمد عز المالية، ولأنه كان عليه قبل أن يطرح تساؤلاته أن يحصل علي الأوراق والمستندات التي تثبت أن ثروة عز تقدر بـ٤٠ ألف مليون جنيه، ولكن كيف يحصل عليها وكل المعلومات المتوفرة لدي الصحفي هي ما قاله النائب طلعت السادات تحت قبة البرلمان

هل من المفترض بعد صدور هذا القانون، بما تضمنه من إدخال هذه المادة المعيبة حول الذمة المالية، التي شكر نقيب الصحفيين، الرئيس مبارك علي إلغاء الحبس فيها، أن يتوقف الصحفيون عن النقد وعن طرح التساؤلات خشية أن ينالهم العقاب الرادع، الذي هو الغرامة المالية التي ستقود حتماً إلي الحبس، وهل في كل مرة سيتعرض فيها الصحفي إلي الذمة المالية لأي شخص سيدفع ما بين ١٥ ألف جنيه كحد أدني و٤٠ ألف جنيه كحد أقصي؟

علي أي حال، إذا كان ما كتبته الآن يعتبر حسب نصوص القانون الجديد تشكيكاً في الذمة المالية للنائب أحمد عز، فإنني مستعد لتحمل المسؤولية القانونية عنه، ومستعد لدفع الغرامة المالية في حديها الأدني والأقصي

ومبروك للفساد

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster