8.3.08

في الممنوع 4/6/2006


فعلا شيء لا يصدقه عقل ـ كما ذهبت «أخبار اليوم» في عدد أمس ـ أن تلقي أم بطفلها الصغير من الطابق الثالث بمجمع التحرير، تحت أي مبرر ومهما كانت الضغوط النفسية التي تعرضت لها، فهي أم قد تجردت من الرحمة ومن الإنسانية، وتصرفت كما الحيوانات، وحتي بعض الحيوانات لا تفعل بصغارها ما فعلته تلك الأم، فلا تلقي بها من فوق السطح أو من شرفات المنازل أو تضعها تحت عجلات القطار للتخلص منها.
مثل هذه الأم لا يجب أن تأخذ القوانين بها شفقة أو رحمة، فهي مجرمة ولا تستحق وصفاً غير ذلك، ولا تستحق لقب الأم، فالأمهات لا تفعلن بأولادهن هذه الفعلة المشينة.

أما المبرر الذي بسببه ألقت بطفلها من الطابق الثالث فهو أن العاملين بمديرية الشؤون الاجتماعية بمجمع التحرير رفضوا تسلم طفلها لعدم توافر الشروط الواجبة في حالة طفلها، وهي أن الأب لايزال علي قيد الحياة، وقد رفعت دعوي للخلع منه.

وهو مبرر لا يستدعي حالة الهياج والثورة والغضب التي انتابتها، كما أن شرط مديرية الشؤون الاجتماعية هو الآخر غبي وغير مفهوم، فما علاقة أن والد الطفل لايزال علي قيد الحياة أو أنه شبع موتاً بقبولهم أو بعدم قبولهم تسلم الطفل لكي يكون تحت رعاية الدولة.

إن الثورة التي نحتاجها هي تحطيم كل القوانين الجائرة واللوائح الغبية التي تظلم أطفالنا، والتي دفعت أماً لا رحمة في قلبها ومجردة من المشاعر الإنسانية إلي التخلص من طفلها بإلقائه في الشارع، مع أن أبسط حقوقها كمواطنة قبل أن تكون أماً هي أن توفر الدولة الرعاية الاجتماعية لطفلها، الذي لا تريد تحمل مسؤوليته، وأرادت التخلص منه بقتله.

لكن الدولة وتمشياً مع سياسة التنصل من مسؤولياتها في السنوات الأخيرة لا تريد إضافة أعباء إليها عن طريق وضع شروط واشتراطات تتهرب من خلالها هي الأخري ـ مثل الأم ـ من تحمل المسؤولية، فلا الأم تريد تحمل المسؤولية تجاه طفلها ولا الدولة أيضا تريد تحمل هذه المسؤولية نيابة عن الأم.

والنتيجة هي الملايين من أطفال الشوارع، الذين يعيشون بلا مأوي وبلا رعاية أو عائل، وبلا توفير أي قدر لازم من الرعاية لهم، والنتيجة أيضا هي تفكير هذه الأم المجرمة في التخلص من طفلها بقتله.

إن الدولة التي تريد أن تبسط سلطتها ونفوذها علي المواطنين وتسرق أصواتهم في الانتخابات وتقصف عمرهم، وتريد أن تظل تحكم وتتحكم في قلوبهم عن طريق حزبها الحاكم ومجموعات أصحاب المصالح، ولا تسمح بأي قدر زائد من الحريات الذي يهدد وجودها، هذه الدولة ليس لديها الوقت ولا الإمكانيات ولا الخطط والسياسات ولا البرامج التي تبرر لها استمرار هذا الوجود، وتبرر بها اغتصابها السلطة، حتي ولو كان هذا القدر اليسير هو رعاية أطفال بلا مأوي أو أطفال لا ترغب أسرهم في تحمل مسؤوليتهم بسبب عجزها عن رعايتهم.
الدولة أيضا بلا قلب.. وبلا رحمة.. وتفكر بطريقة هذه الأم المجرمة

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster