11.3.08

في الممنوع 6/7/2006


غير صحيح بالمرة ما قاله صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري، والدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية، والمستشار محمود أبوالليل وزير العدل.. عن أن مشروع قانون الحبس في قضايا النشر.. قد جاء وفاء لما وعد به الرئيس حسني مبارك في برنامجه الانتخابي.. وهو إلغاء الحبس في قضايا النشر.. فلايزال سيف الحبس والعقوبات السالبة للحريات قائماً في هذا المشروع.. بدليل ما جاء علي لسان المسؤولين الثلاثة أنفسهم بأن الحبس أصبح جوازياً عند التشكيك في الذمة المالية وليس وجوبيا.. أي أن الحبس لا يزال قائماً.. فكيف يقال بعد ذلك: إن وعد الرئيس تم تنفيذه، وأن الحكومة نفذت وعد الرئيس

والصحيح أن مشروع القانون الجديد ألغي عقوبة الحبس في بعض جرائم السب والقذف في نصوص غير مطبقة أصلاً.. ولم يعد لها وجود فعلي.. لكنه أبقي علي العشرات من المواد الأخري التي لا تزال تعاقب بالحبس الوجوبي.. كما لا تزال إحالة الصحفيين أو غيرهم من المواطنين الذين يستعملون حقهم الدستوري في التعبير عن رأيهم إلي المحاكم العسكرية في قضايا النشر قائماً أيضاً. فكيف يقال: إنه تم تنفيذ وعد الرئيس، بينما الصحفي أو أي مواطن آخر لا يحاكم أمام قاضيه الطبيعي.. ويحاكم أمام محاكم عسكرية استثنائية

وقد أخبرني حسين عبدالرازق رئيس تحرير صحيفة «الأهالي» سابقاً، الأمين العام لحزب التجمع حالياً.. بأن كل القضايا التي حوكم فيها وهي بالعشرات استندت إلي المادتين ١٠٢ و١٠٢ مكرر من قانون العقوبات.. وهاتان المادتان لم يتعرض لهما مشروع القانون الجديد.. هذا بالإضافة إلي عشرات المواد الأخري التي لم يلتفت إليها المشروع المقدم من الحكومة.. وهي التي يسميها صلاح عيسي رئيس تحرير صحيفة «القاهرة» الحابسات الباقيات!!
الأخطر من كل هذا هو إصرار الحكومة علي تجريم مسألة التشكيك في الذمة لأي مسؤول.. وتم حذف كلمة «المالية» لتصبح الذمة بالمعني الواسع والفضفاض لها.. واقترح مجلس الشوري حذف هذا التعديل من مشروع الحكومة.. وإدخاله علي المادة ٣٠٨ من قانون العقوبات.. وكأن الخلاف بين الصحفيين وبين الحكومة علي المكان الذي يتم فيه وضع هذا النص، كما قال جلال عارف نقيب الصحفيين في كلمته أمام الجمعية العمومية الأخيرة

إن هذا النص المستحدث المتعلق بالذمة والذي يعاقب بالحبس.. ينسف مهنة الصحافة كلها.. ليس فقط ضرب حرية الصحافة في مقتل.. إنما سيقضي علي المهنة وعلي دورها في محاربة الفساد والانحراف في المجتمع. وحتي يتعرف القارئ علي الحالة الشعورية لأي كاتب بعد صدور هذا القانون.. فإنه سيتوقف عند كل كلمة وفصلة يكتبها.. خشية أن يتعرض للسجن.. حتي ولو كان حسن النية

لك أن تتخيل أن الصحفي إذا تعرض لرئيس مجلس الشعب أو لرئيس مجلس الوزراء أو انتقد تصرفاتهما، فإنه سيحكم عليه بالغرامة المالية التي قد تصل إلي ٣٠ ألف جنيه.. أما إذا تعرض لمجلس الشعب أو لمجلس الوزراء.. كمؤسسة أو هيئة.. فإنه سيحكم عليه بالسجن أو بالغرامة!
هذا النص الغريب والفريد من نوعه.. يجب أن يعاقب المسؤول الذي اقترحه ـ والذي لا أعرف اسمه ـ بالإحالة إلي مستشفي الأمراض العقلية.. لأنه شخص غير طبيعي وغير متحكم في قواه العقلية! والعبارة الأخيرة يمكن أن أعاقب عليها بالحبس.. ولست وحدي إنما رئيس التحرير وكل من اطلع عليها من هيئة التحرير بالصحيفة ولم يقم بحذفها

أي لا صحافة.. ولا كتابة.. وهذا هو الجديد الذي أتي به مشروع الحكومة.. وهذا هو فهمها الغبي لتنفيذ وعد الرئيس

0 comments:

Post a Comment

Thanks For your comment
I won't accept any insult in my blog , please keep it clean .
Please smile,life is difficult enough :) !

"Magical Template" designed by Blogger Buster